مصر اليوم
لا تبنى إثيوبيا سدها على رؤوس الإخوان إنما على رؤوس كل المصريين، ولذا فإن الدفاع عن النيل، الذى وهبنا مصر، ليس قضية هذه السلطة البليدة العنيدة فقيرة الخيال قليلة الحيلة، إنما هى قضيتنا جميعاً، الشعب قبل الأحزاب، والشباب قبل الشُيَّاب، والمعارضة قبل الحكومة، ولا يمكن هنا أن يختلف من ثاروا وملأوا الميادين ومن جلسوا على «الكنب» يتابعون ما يجرى ببال رخى، وقلب خلى.
إنها مسئوليتنا جميعاً لأن سلطة الإخوان ذاهبة ومصر باقية ما بقى النيل، وإذا كان الشعب سيحاسب الحكومة الآنية على تفريطها فى شريان حياة مصر، فإن التاريخ سيحاسب الجميع إن وقفوا متفرجين أو شامتين أو حوّلوا ما يجرى إلى نقاط تسجل لصالحهم فى الخصومة السياسية المستمرة. فلتستيقظ الضمائر والهمم وليظهر الرجال الكبار، لأن مصر هذه المرة هى المستهدفة، ورأسها هو المطلوب، وتركيعها هو المراد.
وعلينا أن نعى أن من وصلوا إلى السلطة حديثاً، ودون توقع منهم، لا شىء يضنيهم أكثر من ضياع الحكم منهم بأى طريقة، أما ضياع جزء من البلد أو تعريض أمنه القومى للمخاطر فلا يهتزون له إلا بقدر ما يؤثر على صورتهم فى عيون الناس أو يخفض شعبيتهم أو يجعلهم فى نظر الجميع جماعة غير قادرة على إدارة الدولة، والدليل على هذا أن الرئاسة ووزير الرى ومسئولين آخرين يقولون ما يبرر لأديس أبابا ما فعلت، وما يمكن أن تستخدمه ضدنا فى المحافل الدولية، ولا يعنيهم من الأمر سوى أن يردوا على من يعتقدون أنهم شامتون فيهم، أو متربصون بهم.
إن إثيوبيا ليست مدفوعة فى إنشاء «سد النهضة»، ويا لغرابة الاسم، بمصالحها الذاتية البحتة، وإلا كان من الممكن أن تفتح حوله باباً للنقاش الجاد والهادئ والمتأنى مع مصر والسودان، لكن هناك من يستخدم هذه الدولة الأفريقية القديمة كأداة للضغط على مصر الدولة أو على السلطة التى تثير غبار العداء حول بلدنا نتيجة إخلاصها لمصالح تنظيم الإخوان، لكن ليس هذا وقت الوقوف عند التفاصيل بينما الأمور الكلية والشاملة معرضة للانهيار.
لكل هذا يجب على الشعب المصرى كله أن يضغط على السلطة ويعمل معها فى الوقت نفسه من أجل أن تشرع فى خطوات «كش ملك» لإثيوبيا ومن وراءها، وليكن الأمر على النحو التالى:
1 - إعلان مصر أنها ستشرع فى امتلاك «طاقة نووية» سلمية، ولتبقَ خياراتنا مفتوحة إلى ما هو أبعد من هذا إن اقتضى الأمر.
2 - إذا لم تستجب إثيوبيا لأى خطوات «تصالحية» أو «تفاهمية» حول هذه المسألة واستمرت فى ابتزازنا وتشجيع بقية دول حوض النيل على أن تحذو حذوها، يمكننا أن نستخدم الأوراق التى نملكها للضغط عليها، ومنها مساعدة التنظيمات المسلحة فى بعض الأقاليم هناك والراغبة فى الانفصال عن سلطة أديس أبابا، علاوة على مساندة غريمتها إريتريا، وبعض الجماعات الصومالية المتضررة من سلوكيات السلطات الإثيوبية.
3 - التهديد بالحرب إن أُغلقت كل الأبواب الأخرى، فما أنفقت مصر على جيشها ودربه قادته إلا لأيام مثل تلك، لكن على الساسة أن يقوموا بمهمتهم أولاً، وعلى الشعب أن يقف خلف قواته المسلحة إن دعت الضرورة.
4 - تكوين جبهة الدفاع عن النيل تتمدد لتطوى تحت جناحيها ملايين الشباب، يكون لديهم الاستعداد للاستشهاد فى سبيل الدفاع عن النيل، أى عن تسعين مليون مصرى سيموتون عطشاً إن استمرت إثيوبيا فى بناء سدودها وقلّدتها دول أخرى.
5 - يمكن إعادة صياغة سياسة مصر حيال بعض القضايا الإقليمية بما يشعر من يحركون إثيوبيا بأن الأرض ستهتز من تحتهم، وبالتالى يبتعدون عن تشجيع إثيوبيا على التمادى فى تحديها للأمن القومى المصرى.
نقلاً عن جريدة "الوطن"