توقيت القاهرة المحلي 11:32:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كلنا سواء

  مصر اليوم -

كلنا سواء

عمار علي حسن

«الناس سواسية كأسنان المشط»، هكذا يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. فالمساواة تكمل الضلع الثالث فى مثلث القيم العظيمة، حيث تشكل مع الحرية والعدالة، المُثل العليا التى يصبو البشر إلى تحقيقها منذ أول الخليقة، وهى قيمة مهمة فى حياة النظام الديمقراطى، ففى حال انحدار مبدأ المساواة بشكل طبيعى من إيمان بالكرامة الإنسانية، وحين يكون حصيلة للاحترام المطلق للاستحقاق الإنسانى، يصبح أمرا كافيا لإيجاد الديمقراطية. ولعل هذا ما كان واضحا فى أذهاننا وقت انطلاق ثورة يناير قبل أن يخطفها من لا يؤمنون بالمساواة قط، ويتوهمون أنهم فوق الناس، فى مخالفة للإسلام والإنسانية والحقيقة والواقع. وتعنى المساواة بمفهومها العام وجود حالة من التماثل بين أفراد المجتمع أمام القانون، بغض النظر عن الميلاد أو الطبقة الاجتماعية أو العقيدة الدينية أو الثروة أو الجنس أو المهنة. وقد بيّن ابن منظور فى «لسان العرب» فى معرض حديثه عن الاشتقاق اللغوى للمساواة أن «التساوى هو التماثل.. والمتساويان هما اللذان لا ينبو أحدهما عن الآخر.. والسوية هى العدل والنصفة». لكن هناك اختلافا بين المفكرين حول «المساواة المادية»، فالبعض يرى أن تحقيق المساواة بشكل مطلق، أو طريقة رياضية بحتة، يضر بقيم الحرية والعدالة والإنجاز، ويتعارض مع مبدأ التدرج، الذى يبدو أنه يشكل قانونا طبيعيا لحياة البشر، إذ ليس من العدل أن يتساوى الناس فى العائد أو المكافأة المادية، رغم تفاوت جهودهم وعطائهم الناجم عن اختلاف قدراتهم واستعداداتهم الطبيعية، كالصحة والذكاء والاتزان العاطفى. وفى المقابل يرى البعض أن عدم تساوى البشر فى الخصائص الطبيعية، قد يكون مجرد نتيجة لعدم توافر المساواة الاجتماعية، فالصحة المعتلة مثلا تنشأ عن سوء التغذية، ويكون الذكاء المتدنى مجرد انعكاس لأمية أسرة فقيرة. ولهذا نادت الماركسية بمبدأ «من كل على قدر طاقته ولكل على حسب حاجته»، لكنها فشلت، عمليا، فى تطبيق هذا الأمر، مما يفتح الباب مجددا أمام إعادة النظر فى المفهوم العملى لقيمة المساواة. وهنا يمكن التأكيد على أن المساواة تعنى التساوى فى مختلف الأوضاع، بما يمكن الناس من ممارسة حياتهم على أساس من تكافؤ الفرص، وليس على أساس التساوى الحسابى البحت. ولذا يجب أن يكون التساوى فى الحقوق والواجبات الإنسانية أمام القانون الذى يضبط حركة المجتمع، ويقوم على التوازن أو التراضى بين كافة أعضاء الجماعة، ويخلص لتحقيق مصلحتهم دون تمييز. أما النواحى المادية فيجب أن تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، ومنع الاستغلال، ثم يتم ترك الناس ليحصلوا على عائد مادى يتناسب مع حجم إنجازهم، أو مقدار الجهد الذى يبذلونه، وبذلك لا تضار الحرية، ولا العدالة. لكن هذا لا يمنع فى حال حدوث تفاوت حاد، يتعدى مسألة التدرج الطبيعى، جراء وقوع ظلم اجتماعى أو فساد سياسى واقتصادى، من التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها، حيث إن تركز الثروات القومية فى أيدى الأقلية يؤدى إلى الانتقاص من حقوق بقية المواطنين، ونكون فى هذه الحالة أمام غياب للعدل الاجتماعى، الأمر الذى يضر، دون شك، بالمصلحة العامة. من أجل هذا، سنقوم مرة أخرى فى 30 يونيو، لنرفع شعار «كلنا سواء» ونسقط من لا يؤمن به. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلنا سواء كلنا سواء



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon