عمار علي حسن
مع اقترابنا من يوم 30 يونيو الذى سيشهد الموجة الثالثة من ثورة يناير المجيدة، ظهرت العديد من الكتابات التسجيلية والتحليلية للموجتين السابقتين، أتيح لى أن أقرأ مخطوطين على هذا الدرب، الأول كتاب تسجيلى ينشط ذاكرتنا، ويعيد وضعنا مرة أخرى فى الميادين حيث الحناجر الهادرة بالشعار الأثير «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية»، والثانى دراسة عن فضيلة غائبة فى حياتنا الراهنة، لصيقة الصلة بمطالب الثورة، ألا وهى «احترام حقوق الإنسان».
والكتاب الأول للأستاذ أحمد عبده يحتفى فيه بيوميات ثورة يناير، التى تبهت تفاصيلها الصغيرة أو تضيع مع مرور الأيام، ولذا يصبح من المهم استعادتها كما هى، وبعين وأذن وقلم من عايشها وكابد أوجاعها لحظة بلحظة، حتى تجد الأجيال المقبلة نفسها وكأنها قد عاشت هذه اللحظات حين تقرأ عنها، وحتى يمكن التصدى لمن يريد أن يزور التاريخ، حين يكتبه على مصالحه ومقاسه ومزاجه، وتلك جريمة كبرى.
الكتاب هو واحد من كتب عديدة ذهبت فى الاتجاه ذاته، لكن ميزته أن مؤلفه كان إحاطياً جامعاً حين زاوج بين معايشته ومشاهداته هو نفسه عبر «الملاحظة بالمشاركة» وهى أداة علمية مهمة، وبين اللجوء إلى مصادر مكملة لا سيما الصحف التى كانت تصدر حافلة بالتفاصيل عن الموجة الأولى من الثورة، دقيقة بدقيقة.
لهذا فالكتاب زاد للمؤرخين والمحللين السياسيين، وقبل هؤلاء هو مصدر إيقاظ لذاكرة الجيل الحالى الذى شارك فى الثورة، حتى لا ينسى، ومصدر إفهام للأجيال اللاحقة حتى تقف على ما جرى كاملاً.
***
أما الكتاب الثانى فعنوانه «حقوق الإنسان ومنظماتها.. وثورة 25 يناير» للأستاذ عماد الأزرق، وهو كتاب يواكب ما يجرى على الساحة المصرية حالياً، إذ إن أوضاع حقوق الإنسان لا تزال على حالها، بل إن تحدياتها تعمقت وانزلقت من مجرد عدم الالتزام بالقوانين والمبادئ والاتفاقات الدولية جزئياً أو كلياً إلى رفض الكثير من هذه الأسس أصلاً فى ضوء أسئلة تطرح عن «التمويل الأجنبى» و«العمالة» و«موقف الإسلام من القضايا الحقوقية»... إلخ.
وقد اتبع المؤلف نهجاً علمياً، إلى حد ما، حتى يشرح هذه التحديات ويجيب عن الأسئلة النابعة منها، جمع فيه بين العودة إلى مصادر أولية ووثائق، وإجراء مقابلات معمقة مع بعض المشتغلين فى مجال «حقوق الإنسان»، والإحالة إلى كتب ومقالات لها صلة مباشرة بموضوع البحث.
وقد قسم الباحث كتابه إلى سبعة فصول من يطالع تدرجها يستقر فى يقينه أن أسلوب معالجته لموضوع كتابه اتسم بالشمول والتكامل، وجاء بما يفيد كل من يقرؤه، خاصة أنه يهم، ليس فقط الحقوقيين والمثقفين والساسة، إنما كل المواطنين، بلا استثناء، ولهذا كان الباحث حصيفاً فى أن يتبع كتابه بملحق عن أهم المنظمات والجمعيات الحقوقية العاملة فى مصر ووسائل الاتصال بها تسهيلاً للتواصل معها، بما يعمق ويزيد من الاستفادة منها.
نقلاً عن جريدة "الوطن "