عمار علي حسن
(1)
أبكتنى السيدة العجوز التى أمسكت كتفى ونظرت فى عينى بمظاهرة المنيل يوم 30 يونيو وقبل أن أتوجه إلى ميدان التحرير، وقالت: «أنا من حزب الكنبة وأتابعك باستمرار، وعمرى ما تصورت أن أشارك فى مظاهرة، لكن نزلت عشان لقيت البلد بتضيع مننا.. شكراً لكم يا أولادنا، شجعتونا وعلمتونا».. بالقطع لا تدرى هى أننا نحن الذين نتعلم من «الشعب المعلم».
(2)
العياط لا يعرف الطوفان، لأن البكاء لا يُجرى الأنهار، إنما تصنعها الينابيع التى تفجرها أقدام الملايين وهى تزلزل الأرض، قائلة له فى ثقة: ارحل.
(3)
استمعت إلى خطاب العياط فى مقهى ليس بعيداً عن ميدان التحرير، كان رواد المقهى يضحكون عليه ويضربون كفاً بكف ويسبونه طيلة مدة الارتجال العقيم الفارغ الأجوف، لكن أروع ما قاله رجل كبير فى السن وهو ينفخ دخان الشيشة من فمه فى ضجر: ضيعت وقتنا وبتضيع بلدنا، كل ده عشان تقول كلمتين: أنا مش هامشى.
(4)
اتصل بى شخص مجهول بان من كلامه أنه من شباب الإخوان، وبدأ المكالمة: حضرتك فلان، فأجبته: نعم، فراح يكيل الشتائم رغم أنه بدأ كلامه بتصنع الأدب، ولذت بصمت وأنا أقدّر حالة انهياره وسقوطه الأخلاقى والسياسى، وبعد أن انتهى من وصلة الردح قلت له: شكراً يا بنى، فعلاً أبوك عرف يربى، مع ألف سلامة، ثم أنهيت المكالمة.
(5)
فور الانتهاء من بيان الجيش توجهت إلى اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للتغيير» التى لا تزال تمثل «ضمير الثورة» باقتدار، ناقشنا البيان وانتهينا إلى القول: إن المسار المدنى للحكم من أهم مكتسبات الثورة ولا تفريط فيه ولا تراجع عنه، كما أن مطالب الثورة تجسدها شعاراتها الخالدة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. . كرامة إنسانية» وكل من يحاول أن يلتف عليها أو يفرغها من مضمونها تأكله، وتسقطه، وتجعله نسياً منسياً.
نقلاً عن جريدة "الوطن"