توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصيحة للإخوان والسلفيين

  مصر اليوم -

نصيحة للإخوان والسلفيين

عمار علي حسن

  طرحت مرة سؤالا افتراضيا يقول: ماذا لو كان حسن البنا قد وجه جماعته لتعريف الناس خارج العالم الإسلامى بديننا؟ وتخيلت موقع جماعته بعد نحو تسعة عقود من أداء هذه المهمة، فوجدتها على أكتاف كل المسلمين، وقد فُتحت لها الأبواب على مصراعيها، وأمدها الناس بأغلى ما يملكونه. «البنا» نفسه قال بعد أن تورط التنظيم الخاص فى حوادث اغتيالات: «لو استدبرت من هذا الأمر ما استقبلت لعدت بالإخوان إلى زمن المأثورات» لكن كان القطار قد فات محطته، وانجرفت جماعته إلى غواية الصراع على السلطة، فكانت النتيجة التى هى أمامنا الآن. والمؤسف أن الجماعة لو أرادت الآن أن تعود إلى الدعوة فلن يصدقها أحد. والغريب أن التيار السلفى يسير فى الطريق ذاته الذى سلكه الإخوان، رغم أنه كان يقول عنهم دوما: لقد أضلتهم السياسة، رغم أن وصول الإخوان إلى الحكم وحيازتهم والسلفيين للبرلمان لم تؤد إلى تعزيز الإسلام، بل زاد عدد الملحدين فى مصر.وقبل سنوات كتبت: «بوسع «الإسلاميين» أن يقدموا للسياسة ما هو أفضل، وأكثر نفعا، من مجرد انتظار الحكم، أو التوسل بأدوات عدة للقفز إليه، وبإمكانهم فى الوقت نفسه أن يقدموا للدين ما يحفظ له جلاله وقدسيته، ويبعده عما ألقته الممارسة السياسية على كاهله من أعباء جسام طيلة التاريخ الإسلامى، فيحققوا لأمتهم ما تحتاجه بالفعل، ولأنفسهم ما يقيهم من تغول مناوئيهم، وشرور المغرضين منهم، الذين يستخدمون الدين فى تحقيق مآربهم الشخصية، دون لوم، أو ورع». ومرت الأيام، ووصل الإخوان بالفعل إلى الحكم بعد انتظاره، فما كانت النتيجة؟ فالسياسة تبدو فى خطاب الإخوان ونظرائهم دائرة فى فلك «القوة الصلبة» أو «الخشنة» التى تعنى الاهتمام بالركائز العسكرية والاقتصادية للقوة. ومن ثم سعت «الجماعات والتنظيمات السياسية ذات الإسناد الإسلامى» إلى امتلاك هاتين الركيزتين، فكونت تنظيمات سرية، دججتها بالسلاح، وقوّت ساعدها بالتدريب القتالى، لتدخل فى مواجهة دموية مع الأنظمة الحاكمة. وعلى التوازى دخلت هذه الجماعات إلى عالم المال، لتستزيد منه، وتوظفه فى خدمة أهدافها السياسية، فبدت بذلك خصما من رصيد مجتمعاتها وليست إضافة إليه. أما لو ركزت هذه الجماعات على تحصيل «القوة الناعمة» أو «السلسلة» فى جانبها المتصل بتعزيز التماسك الأخلاقى للجماعة، وتحقيق الامتلاء الروحى للأفراد، وإبراز ما فى جوهر الإسلام من قيم إنسانية حياتية إيجابية، وما أكثرها وأعمقها، لبدت فى هذا إضافة إلى مجتمعاتها، لأنها ستوفر لها رموزا وأشياء هى فى أشد الحاجة إليها فى الوقت الراهن، بل إنها ستسهم فى تعزيز وزن العالم الإسلامى فى النظام الدولى، الذى تمتلك القوة الكبرى فيه من الموارد الصلبة للتفوق الكثير، حيث الآلة العسكرية الجبارة والاقتصاد الضخم، لكن ينقصها التماسك الأخلاقى والطاقة الروحية، حسبما يصف علماء السياسة الأمريكيون بلادهم. لقد ضيع الإسلاميون وقتا طويلا فى الهرولة وراء السياسة فى أبعادها العليا، الملاصقة تماما لظاهرة السلطة، مع إهمال دائم للجوانب «القاعدية» للممارسة السياسية، والمتصلة بالموارد الناعمة للقوة، من سلطان المعرفة وجلال الطاقة الروحية، والتمسك بالفضائل الاجتماعية، والقيم العظيمة التى يرسخها الدين الإسلامى. وطيلة هذا الوقت يدفع من يرفعون من الإسلام شعارا سياسيا ثمن تصورهم المنقوص، ويخسر الدين نفسه مساحات يمتلك بنصه المقدس أن يملأها، فتزداد فاعليته فى الحياة. سيردون على هذا بالطبع: الإسلام دين ودولة، وأقول لهم، دين نعم، دولة لا، لأن الدين باق، والدول تنشأ وتزول، والقرآن الكريم لم يخاطب الرسول إلا بوصفه نبيا ورسولا وبشرا، وليس كما خاطب سيدنا سليمان بوصفه نبيا وملكا. وينسى الإخوان وأتباعهم أن أبا سفيان حين قال لعم النبى: إن ملك ابن أخيك غضب منه وقال: ليس ملكا يا أبا سفيان إنما هى النبوة. قاتلهم الله، حتى يبرروا ما فعلوه على مدار أربعة عشر قرنا، أعادوا صياغة حياة الرسول وسيرته وصورته بما يتوافق مع رغبة سادة الملك العضوض، فجعلوا حروبه الدفاعية العادلة غزوات، أى حروب هجومية حتى يكونوا الإمبراطورية، وجعلوا من ثقة المسلمين فيه ليفصل بينهم مهمة حاكم أو سلطان، ولو كان الأمر دولة لا دعوة، لكلف عليه الصلاة والسلام أبا بكر أن يحكم الناس من بعده وليس ليؤمهم فى الصلاة، وتكليفه لصاحبه بهذا يعنى ببساطة أنه يقول لنا: تركت لكم دعوة لا دولة، فأفيقوا أيها الغافلون. "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصيحة للإخوان والسلفيين نصيحة للإخوان والسلفيين



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon