عمار علي حسن
أولاً: الفروق الجوهرية بين نظم الحكم
1- النظام البرلمانى: توجد حكومة مسئولة، أعضاؤها نواب فى البرلمان، يتعين عليها الاستقالة أو أن تحل نفسها إن هُزمت فى اقتراح بحجب الثقة عنها. وفى النظام البرلمانى لا يوجد فصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما هو الحال فى الأنظمة الرئاسية، بل هما مندمجتان إلى حد ما، وهذا يعطى الحكومة قوة ظاهرة، لكن هذه القوة تتكئ فى أساسها على الأنظمة الحزبية والأنظمة الانتخابية. والرئيس فى النظام البرلمانى هو رئيس شرفى.
وبطريقة أكثر تفصيلاً يقوم هذا النظام على العناصر الآتية:
أ- الفصل بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، فرئيس الدولة هو الرئيس الأعلى للدولة، وباسمه تمارَس جميع الاختصاصات، إلا إنه ليس بوسعه أن يتصرف بمفرده، بل لا بد أن يتحمل أحد الوزراء المسئولية، فى حين تنتقل السلطة الفعلية إلى الوزراء، الذين يخضعون لإشراف رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس الوزراء. وتكون الوزارة مسئولة أمام البرلمان.
ب- ينشأ مجلس للوزراء، يمثل السلطة التنفيذية، ويتسم أعضاؤه بالتجانس والانسجام إلى حد ما، لأنهم إما ينتمون إلى حزب الأغلبية، الذى فاز فى الانتخابات التشريعية، أو إلى عدة أحزاب ائتلفت وتوافقت على تشكيل الحكومة. وهنا تقوم الوزارة على أساس التضامن بين أعضائها، وهى التى ترسم السياسة العامة للدولة، ثم يقوم كل وزير على حدة بتنفيذ هذه السياسة فى وزارته، التى يمسك بيده كل مقاليد التنفيذ فيها.
ج- يأخذ تنظيم السلطة التنفيذية شكلين؛ الأول هو أسلوب الإدارة المركزية، الذى يتسم بحصر جميع وظائف السلطة التنفيذية فى أيدى الوزراء الذين بدورهم يستقرون فى عاصمة الدولة. والثانى هو أسلوب اللامركزية الإدارية، ويقضى بتوزيع اختصاصات السلطة التنفيذية بين الوزارات فى العاصمة ووحدات إقليمية لامركزية.
2- النظام الرئاسى: على النقيض من النظام البرلمانى فإن دور الرئيس فى هذا النظام الرئاسى محورى. ومن الخصائص المميزة لهذا النظام فصل السلطة التشريعية عن التنفيذية، ويترتب على ذلك حرمان الثانية من المشاركة فى التشريع، وفى المقابل فهى ليست مسئولة أمام الهيئة التشريعية، والمثال الناصع على ذلك هو الولايات المتحدة الأمريكية.
وتفصيلاً قام هذا النظام على عناصر محددة هى:
أ- حصر السلطة التنفيذية كلها فى يد رئيس الدولة، الذى يسود ويحكم فى الوقت ذاته، ويجمع بين منصبى رئاسة الدولة ورئاسة الجمهورية، ويكون مسئولاً أمام الشعب فقط.
ب- يخضع الوزراء خضوعاً تاماً لرئيس الدولة وحده، وهو يستقل بتعيينهم وعزلهم، ويقتصر دور الوزير على مجرد تنفيذ سياسة الرئيس أو توجيهاته، وفى هذه الحالة لا يوجد مجلس وزراء، وتقتصر مسئولية الوزراء عن أعمالهم أمام الرئيس فقط. ودور الوزراء هنا أقرب إلى دور المستشار وليس واضع السياسة، لذا يلقّبون بسكرتير دولة وليس بالوزير.
ج- وجود فصل واضح وجلى وواسع بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، لكنه ليس مطلقاً، مع قيام التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
3- النظام المختلط: ويطلق عليه النظام «شبه الرئاسى» حسب تعبير عالم الاجتماع الفرنسى موريس دو فرجيه، والمثال الواضح عليه هو فرنسا فى ظل «الجمهورية الخامسة». ويوصف هذا النظام بأنه ذو رأسين هما رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب، ويتمتع بصلاحيات واسعة. ورئيس وزراء ليس له مقاعد بالبرلمان، لكنه مسئول أمامه، وبوسع أى من النواب أن يقدم اقتراحاً يقضى بتوجيه اللوم إلى الحكومة مما قد يؤدى إلى إسقاطها.
وهذا يختلف عن النظام المصرى فى عصر مبارك الذى أطلق عليه البعض اسم «النظام البرلماسى» تعبيراً عن أنه خليط بين «الرئاسى» و«البرلمانى»، ففى الحقيقة هذا مصطلح تلفيقى مهذب لحالة من العشوائية وتداخل السلطات وخروج الصلاحيات عن حدود الدستور والقانون.
(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).
نقلاً عن "الوطن"