توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نظام تعليمى مريض (1 - 2)

  مصر اليوم -

نظام تعليمى مريض 1  2

عمار علي حسن

«أخبرنى سأنسى.. أرنى فقد أتذكر.. أشركنى سأعى وأفهم».. . هذا مثل صينى ينطوى على حكمة عميقة لا يستلهمها إلا كل ذى عقل فهيم وبصيرة نيرة. وهى فى حد ذاتها تصلح شعاراً أو لافتة عريضة لنظام تعليمى ناجح، لأنها ترفض التلقين الذى يخاطب أردأ الملكات العقلية وهى «الذاكرة»، ويقوم فى أصله على تدفق المعلومات من فم المعلم إلى آذان التلاميذ، فلا تستقر فى أذهانهم إلا ساعات أو أياماً، ويتبخر أغلبها مع مرور الزمن، فتسقط بالتقادم، أو فور انتهاء الامتحانات. وتفضل هذه الحكمة المزاوجة بين السمعى والبصرى فى التعليم، لأنه أكثر قدرة على البقاء فى الذاكرة والأفهام، لمخاطبته حاستين مترابطتين، لكنها تحبذ الحد الأقصى من نظام التعليم الذى يقوم على الحوار بين المعلم والتلميذ، فيشرك الأول الثانى فى العملية التعليمية، ويتيح له فرصة إخراج كل ما لديه من طاقة عقلية، وقدرة على المناقشة العلمية والنقد، وصولاً إلى الإضافة والإبداع. ومن أسف فإن نظامنا التعليمى ينتمى إلى الطريقة الأولى، التى تعتمد على الحفظ والتلقين، وتوصد الباب أمام الابتكار وإنتاج الجديد والملائم، الأمر الذى حول مدارسنا إلى ما يشبه «الكتاتيب» وحول جامعاتنا إلى مدارس أولية، فضعف مستوى الخريجين، وتضاءلت قدرتهم على أن يحوزوا منهج تفكير مناسباً فى حل مشكلاتهم الحياتية، علاوة على عدم ملاءمة الأغلبية منهم لسوق العمل، لأن الجهات التعليمية التى مروا بها، ثم لفظتهم إلى الشارع، لم تعن بالتدريب، قدر عنايتها بالتدجين، وتعمدها سلب التلميذ فى البداية والطالب فى النهاية أى قدرة على التفكير المستقل، وأى منطق لبناء موقف من المجتمع والعالم، بل والكون الفسيح. وأضر هذا الوضع ضرراً بالغاً بالبحث العلمى، فبات يدور فى أغلبه حول «جمع المتفرق» أو «اختصار المسهب» و«تطويل المختصر»، ولم يرق إلى المستوى المناسب فى تأدية وظائف البحث الأخرى ومنها «تجلية الغامض» و«استكمال الناقص»، ولا تلوح فى الأفق أى بوادر على أنه سيصل عند أغلبية باحثينا إلى المرتبة الأسمى فى البحث والتدقيق وهى «نقد السائد» و«ابتكار الجديد»، وهما مرحلتان مهمتان ليس بالنسبة للعلم ومناهجه فحسب، بل أيضاً بالنسبة للحياة العملية، بمختلف اتجاهاتها ومناحيها. فالمؤسسات التى تنتج كل شىء، ابتداء من الكلمة إلى الكتاب، ومن الإبرة إلى الصاروخ، فى حاجة ماسة إلى طاقة بشرية فاعلة، تصبح قيمة مضافة إلى عناصر الإنتاج، أو تشكل رأسمالاً بشرياً حقيقياً. ولن يتأتى هذا إلا بتعليم ناجع، وتدريب جاد ومستمر. ومن دون ذلك لن يكون هناك تقدم، ولا نهضة. وقد طبقت الأمم القوية هذه الحكمة، فرأت فى التعليم عموداً رئيسياً من أعمدة وجودها واستمرارها. وتستعيد الذاكرة فى هذا المقام واقعة نرددها دوماً للزعيم الفرنسى الكبير شارل ديجول حول أهمية التعليم، فهو عندما دخل إلى فرنسا بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سأل صديقه الأديب الكبير أندريه مالرو، وهما يشهدان انهيار كل مرافق فرنسا ومؤسساتها وبنيتها التحتية: كيف حال الجامعة والقضاء؟ وعندما رد عليه قائلاً: بخير، تهللت أسارير ديجول وقال: الآن أستطيع أن أعيد بناء فرنسا. نقلًا عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظام تعليمى مريض 1  2 نظام تعليمى مريض 1  2



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon