توقيت القاهرة المحلي 19:56:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طواويس بهاء طاهر (2-2)

  مصر اليوم -

طواويس بهاء طاهر 22

عمار علي حسن

وما يلفت الانتباه فى مجموعة الأديب الكبير بهاء طاهر القصصية «لم أعرف أن الطواويس تطير» أن المؤلف لم يفارق عالمه الأدبى كثيرا؛ فباستثناء القصة الأولى التى يحكى فيها خبرة جد مع حفيد له يعانى «إفراط الحركة»، جاءت غالبية القصص لتعيد إنتاج بعض مشروعه الإبداعى، أو تقتطف منه، وتتوالد عنه. لهذا نجد أن قصتى «الطواويس» و«الجارة» تنسجان على المنوال ذاته الذى ظهر فى أعمال عدة للمؤلف، فى مطلعها روايته البديعة «الحب فى المنفى»، حيث الإنسان الشرقى الذى يعانى الغربة ويواجه الثقافة الغربية فى عقر دارها. أما قصة «قطط لا تصلح» فتقع أحداثها على مرمى حجر من عالم الصحراء، الذى ظهر على استحياء فى رواية «خالتى صفية والدير» ثم استوى على سوقه فى آخر أعمال «طاهر» الروائية الموسومة بـ«واحة الغروب». ونحت قصة «سكان القصر» منحى رمزيا، فبدا القصر فيها أشبه بـ«تكية» نجيب محفوظ تارة وببيت السلطة تارة أخرى، وحوله تدور شائعات تتوالد بكثافة واستمرار، لكن ما عليه من حراس وما يدور بينهم من ترتيب يشى بأن المؤلف يقصد السلطة السياسية على الأرجح، وليست أى سلطة دينية، ويسرد مكابدات فنان تشكيلى يقطن بشقة تطل على هذا القصر الغامض، الذى لا يملك أحد إجابة تجلى الغموض الكامن فى رحم الأسئلة المثارة حوله، وتنتهى القصة دون أن يقبض الفنان المأزوم على شىء حول ما يقض مضجعه، وهو ما تشى به نهاية القصة حيث تقول: «ثم هب فجأة من مكانه، وفتح مصراعى الشباك بعنف وضجيج وصرخ بأعلى صوته: قولوا!! ما الذى يحدث لنا؟ ما الذى يحدث؟ فجاوبه الصمت». وتعد القصة الأخيرة «الجارة» هى الأروع والأكمل مقارنة بالأخريات، سواء فى نزعتها الإنسانية وصفائها اللغوى، أو فى معمارها القصصى المتين. وبها يحافظ «طاهر» على رومانسية أدبه وعلى الانتصار لروح الشرق وقيمه. فالقصة تحكى عن أرملة، فارقها زوج كان يحب الحياة، وأودع فيها نصيحة غالية وعتها وتمثلتها وتماهت معها، تقول ببساطة: لنعِش سعداء بقدر ما نستطيع. وهنا تقول: «أنا لا أبكى حين أذكر زوجى. هو علمنى ألا أذكره بالحزن، بل بالفرح». وهذه الأرملة الفرنسية العجوز، التى تركها الابن وذهب مع زوجته، كانت تمثل قدوة بالنسبة لبطل القصة، الشرقى المتزوج من أوروبية، وذلك فى سعيه إلى السعادة والتفاؤل والعيش ببال رخى. فها هو يقول لها حين أصيبت بإغماءة عارضة: «لا! لا تخذلينى يا جارتى الشجاعة! أنا ألتمس من شجاعتك الأمل الذى ضاع مع عمر انقضى دون معنى ولا فرح، فلا تتركينى وحيدا، هيا! عيشى ألف عام كما وعدت زوجك». ثم يقول لها فى معرض رده على اقتراحات بإرسالها إلى المستشفى أو بيت المسنين، جملة فارقة، انتهت بها القصة: «بل ابقى معنا أرجوك. ابقى معنا دائما، فأنا أيضا أريد أن أعيش ألف عام». إن هذه المجموعة لا تشق فى شكلها ومضمونها طريقا جديدا ولا مغايرا فى مشروع بهاء طاهر الأدبى، ولا توسع حيزه إلا على مستوى الكم، لكنها تقدم برهانا ناصعا على أن هذا الأديب العربى الكبير لا يزال وفيا للقصة القصيرة فى زمن الرواية. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طواويس بهاء طاهر 22 طواويس بهاء طاهر 22



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:30 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل مسلسله في رمضان
  مصر اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل مسلسله في رمضان

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

GMT 20:52 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ليوناردو دي كابريو يحتفل بعامه الـ50 بحضور النجوم

GMT 19:17 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعم أيمن العلي ملك جمال الأردن

GMT 05:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 06:54 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 11 نوفمبر /تشرين الثاني 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon