توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرسم بالدم (2 - 3)

  مصر اليوم -

الرسم بالدم 2  3

عمار علي حسن

.. وتوجد، فى الوقت الراهن، أربعة أنواع من التصوير أثناء الحرب، يمكن ذكرها على النحو التالى: أ - التصوير التليفزيونى أو السينمائى العادى، عن طريق كاميرا فيديو، الذى ينقل المشهد كاملاً عبر الفضائيات، بما يجعل المشاهد يتابع الحدث وكأنه يمتطى ظهر الدبابة المقتحمة، أو يطلق الصاروخ المتجه صوب الهدف، أو يقف وسط الحشد المتزاحم حول جثث القتلى المدنيين، أو حول البيوت المهدمة، والأمتعة المبعثرة، الممزوجة بالدم والأشلاء. ب - أسلوب الـPromotion، أو الفلاش التليفزيونى، وهو مجموعة من لقطات سريعة تظهر فى 30 ثانية، لتعرض بعض المشاهد بطريقة فنية معينة. جـ - التصوير الفوتوغرافى العادى، الذى قد يكون بكاميرا «ديجتال» أو عادية، وينقل صوراً ثابتة، ملتقطة بعناية، يتم اختيار أكثرها دلالة فى التعبير عن الحدث. د - الصور المركبة، مثل تلك الصور التى استعملتها المخابرات الأمريكية «سى آى إيه» لمحاولة البرهنة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، والتى عرضها وزير الخارجية الأمريكى كولن باول على أعضاء مجلس الأمن الدولى، عبر شرائح إلكترونية، مستعملاً كل ما تمكنت منه الاستخبارات الأمريكية من «الخداع بالصورة»، أى القيام بتحريف فنى لصور واقعية، بما يخدم وجهة نظر العارض. لقد باتت الدعاية الموجهة إلى «العدو»، أثناء سير المعارك وقبيل اندلاعها، جزءاً أساسياً من «الجهد القتالى» لأى دولة محاربة. ويأخذ هذا النوع من الدعاية شكل «الحرب النفسية»، التى تبدو قذائف كلمات أو قصف صور، يتم انتقاؤها بوعى وقصد ملموسين، وتصاغ فى جمل دقيقة، تحمل معانى محددة، تثير شكوك الأعداء فى قدراتهم العسكرية وترهبهم من إمكانات الخصم، فى العدد والعتاد، وتلقى فى قلوبهم وعقولهم الريبة حيال قيادتهم، العسكرية والمدنية، وتفقدهم الثقة فى عدالة المعركة التى يخوضونها، وفى أن النصر سيكون من نصيبهم يوماً. واعتادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تستخدم «الدعاية» التى تعتمد على «الصورة الملتقطة بعناية» و«الكلمة المختارة بوعى» فى إرهاب خصومها وزعزعة ثقتهم بأنفسهم، مستفيدة من عطاءات «علم النفس الحربى»، الذى يرتبط أساساً بالتطبيقات النفسية ذات الصلة بالكفاءة القتالية والروح المعنوية، والقيادة وأنماطها، وكافة ما يتعلق بسلوك الجنود لبلوغهم أفضل عائد ممكن، فى ضوء مختلف الشروط المختلفة التى تفرضها قدراتهم الخاصة، والمواقف الخارجية المفروضة عليهم. وقد ترددت فى الأيام الأولى لغزو العراق أنباء عن أن جزءاً من الخطة العسكرية الأمريكية يقوم على احتلال مدينة البصرة، جنوب البلاد، فى الساعات الأولى للحرب البرية، وبعدها يتم بث صور ولقاءات تليفزيونية، تظهر أن العراقيين فرحون لشروع الأمريكيين فى تخليصهم من صدام حسين وحزب البعث، وهى مسألة لم تحدث فى البداية، بل واجه الغزاة صموداً قوياً من القوات العراقية المدافعة عن وطنها. وتأجل ما كان يريده الأمريكيون إلى المشهد الأخير الذى جرى يوم التاسع من أبريل 2003 بسقوط بغداد، والذى كان يمثل خاتمة الفصل الأول من الحرب. ذلك المشهد وتلك الخاتمة مارست الصورة فيهما دوراً كاسحاً وقاهراً فى الوقت نفسه. فلن تنسى الذاكرة مشهد سقوط التمثال البرونزى الضخم للرئيس العراقى صدام حسين، الذى كان يقف متصلباً فى منتصف ساحة الفردوس بقلب بغداد. وتستعيد الأذهان فى هذا الصدد ما حدث خلال الضربة العسكرية الأمريكية لحكومة طالبان فى شهر أكتوبر من عام 2001.. فبعد ساعات قلائل من دخول القوات الأمريكية وحلفائها إلى العاصمة الأفغانية كابل راحت وسائل الإعلام الأمريكية، خاصة شبكة «سى إن إن» تنقل صوراً تظهر فرحة الشعب الأفغانى برحيل «طالبان»، وإقباله على أداء طقوس معيشية تخالف تلك التى فرضتها عليه الحركة الإسلامية المتشددة، منها حلق اللحى وسماع الموسيقى ولعب كرة القدم.. الخ. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسم بالدم 2  3 الرسم بالدم 2  3



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon