عمار علي حسن
.. وهناك التجربة الفريدة، التى مارسها حزب الله اللبنانى، فى استخدام الصورة بعناية فائقة ضد العدو الإسرائيلى. ويرسم «حمد دبوق»، أحد مصورى حزب الله، الذى شارك فى تصوير العديد من العمليات العسكرية من 1986 حتى 2002، ملامح هذه التجربة قائلاً:
«ربما تقتل جندياً ما، بينما الصورة التى تنقلها الكاميرا التليفزيونية تقتل آلافاً بل الملايين من الإسرائيليين، وتهزمهم نفسياً فى المستوطنات والثكنات العسكرية.. المقاتل هو الذى يحمل البندقية ويطلق الرصاص على الجندى الإسرائيلى، أما نحن حاملى الكاميرا فنطلق الرصاص على كل المجتمع الإسرائيلى».
وفى الحرب الأخيرة التى اندلعت فى الثانى عشر من يوليو 2006 تجلى استخدام الصورة بشكل دقيق إلى حد كبير فى «الحرب النفسية» التى شنتها قناة «المنار» على الإسرائيليين.
فجميعنا يتذكر كيف كانت القناة تستعمل الصورة بغزارة للتأثير على معنويات جنود العدو وعلى قادتهم بل وعلى الجمهور الإسرائيلى العريض الذى كان حزب الله يعول عليه فى الضغط على حكومته، ودفعها إلى وقف إطلاق النار.
وامتد توظيف الصورة فى هذه الحرب من إظهار قوة حزب الله إلى المقارنة بين حالين للجنود الإسرائيليين؛ الأولى: وهم ذاهبون إلى ميدان المعركة، تعلو وجوههم الابتسامة، ويلوحون بعلامات النصر، والثانية: وهم راجعون برؤوس كسيرة، ووجوه يعلوها الأسى.
على وجه العموم، لا يكون متاحاً للمصورين فى الحروب أن ينقلوا للناس كل ما يلتقطونه، فالرقابة العسكرية تقف لهم بالمرصاد، لتحول تحت لافتة السرية دون وصول المعلومات المصورة كاملة إلى الجماهير. وها هو أحد مصورى صحيفة «ديلى ميل» البريطانية يعبر عن هذا الموقف، حين منعته السلطات العسكرية البريطانية من تصوير حرب الفوكلاند عام 1982، بقوله: «تصور، إنها حرب ولا يسمح لأحد بالذهاب إلى هناك».
أما أحد مصورى حرب فيتنام، فيعبر ببلاغة ناصعة عن سياسة التقييد على حرية التصوير هذه، إلى جانب الدور الكبير الذى تلعبه الصورة فى سير المعارك بقوله: «لو كنا فى وضع يمكننا من طبع الصور التى التقطناها لما جرى فى الحرب ما جرى إبادة للمدنيين، وكان بالإمكان إنقاذ الملايين من البشر».
نقلاً عن "الوطن"