عمار علي حسن
لا تزال تجربة «أبوالاقتصاد المصرى» طلعت حرب ملهمة لجيلنا، لا سيما أولئك الذين يسعون إلى أن تكون مصر دولة مكتفية مستقلة قادرة. من بين هؤلاء مجموعة من الباحثين النابهين بمحافظة البحيرة، أسسوا «مركز طلعت حرب للدراسات التنموية» راغبين فى أن يقدموا أفكاراً وتصورات وبرامج تفيد بلادهم.
وقد هاتفنى د. علاء الدين حسين رشدى عبدالحميد، مدرس الإنتاج النباتى بكلية الزراعة جامعة دمنهور، شارحاً لى هذه الفكرة الطموحة، فطلبت منه أن يلخصها لى فى جُمل قصيرة دالة وشاملة، وها هو قد لبّى طلبى، فأردت أن أعرض فكرتهم أمام المسئولين لعلها تجد آذاناً مصغية، وأمام الناس ليثق شعبنا العظيم أن شبابه مهموم بحاله، ومشغول بمآله، ولن يكفّ عن التفكير فى الأفضل، ولن ينفك حتى يراه ماثلاً للعيان والأذهان. وهنا نص الرسالة كما وردتنى من صاحبها بلا زيادة ولا نقصان: «مركز طلعت حرب للدراسات التنموية أطلقناه نحن مجموعة من شباب الباحثين فى مدينة دمنهور بعد 25 يناير، حيث وجدنا أن الساحة قد امتلأت بالصراعات (السياسية) التى أدت إلى إغفال وإهمال خطوة مهمة يجب أن تلى أى ثورة ألا وهى البناء والتنمية، لأنها الضامن الوحيد لنجاح الثورة. واخترنا لها اسم (طلعت حرب) لأنه رائد التنمية الحقيقية فى مصر.
ينقسم هذا المركز لعدة أقسام على حسب عدد الملفات التى ندرسها، فمثلاً هناك ملف التعليم وملف الزراعة وملف الصحة وملف الطاقة والطرق والسكك الحديدية... وهكذا. وقد وضعنا لأنفسنا ما يشبه الدستور وهو أن يتم تحليل ومناقشة تلك الملفات بطريقة علمية وموضوعية بدون تحزب أو اعتراض من أجل الاعتراض، لأن الوطن هو الأهم ويجب أن نواجه مشكلاته مهما كانت معقدة أو صعبة، فبالأسلوب العلمى (فقط) يمكننا حل تلك المشاكل والانتهاء بتحديد آليات محددة وواضحة لوضع أى ملف فى مساره الصحيح، على أن تتسم تلك الآليات بقابلية التطبيق الفورى -بعيداً عن التوصيات المطاطة أو الافتراضات النظرية- إذا سمحت الظروف بذلك. ويتم ذلك عن طريق عقد عدد من ورش العمل نناقش فيها الملف أو جزءاً منه بكامل تفاصيله بطريقة منهجية محايدة.
بعد الوصول لمعالم محددة لأى من تلك المشاكل أو الملفات نقوم بنشر تلك الأفكار التى توصلنا إليها على المواطنين وذلك بطريقة مبسطة دون الدخول فى تفاصيلها، وذلك عن طريق طبع مطويات إرشادية بحيث تكون ذات عنوان جاذب، فعلى سبيل المثل هناك مطوية عنوانها (الزبالة كنز لا يفنى) تتحدث عن تدوير المخلفات الزراعية واستخداماتها وأخرى بعنوان (أفكار عصرية للزراعة المصرية) تتحدث عن العديد من الأفكار التى من شأنها رفع الكفاءة الإنتاجية لدى المزارعين وكذلك مطوية عن الإدمان والتى تتحدث عن أسبابه وكيفية تجنبه، ومطوية عن طرق إنتاج الطاقة النظيفة.. وهكذا، وتلك المطويات نقوم بتوزيعها على المواطنين إيماناً منا بأنه من الحتمى أن تكون التنمية بمشاركة كل أطياف المجتمع، لأنه عندما تشارك أطياف المجتمع فى التنمية فإن هذا يولد أو يؤصل فيه الروح الإيجابية للبناء والتنمية وكذلك المسئولية تجاه هذا الوطن. ولم ننسَ أطفال مصرنا الغالية فأنشأنا حديثاً مجموعة سميناها (توت توت) ندعو فيها الأطفال لتنمية مهاراتهم الإبداعية التى تعطينا الفرصة لاكتشاف ميول الأطفال المختلفة وبالتالى تنمية تلك الجوانب فيهم.
ورغم أن مورد تمويلنا الوحيد هو الاقتطاع من ميزانياتنا الشخصية فلم نكتفِ بذلك بل ذهبنا للعديد من قرى محافظة البحيرة وذلك لتوعية الفلاحين بحقوقهم التى يكفلها لهم القانون سواء كانت فى الجمعية الزراعية أو المدرسة أو الوحدة الصحية، هذا بالإضافة إلى فقرة أساسية وهى تعتبر بمثابة إرشاد زراعى لهم، آملين أن يحسن هذا من حالة الوعى لديهم بماهية حقوقهم. وختاماً فبالجهد والمثابرة توصلنا لمقترحات للعديد من المشاكل التى نواجهها وهى جاهزة للتطبيق لمن أراد لمصر أن تحقق الاستقلال الوطنى، فهذا الوطن لا نملك غيره، وهو يجرى فى عروقنا مجرى الدم، وبالتالى فلزاماً علينا أن نصلحه ونطوره من أجل ألا تعانى الأجيال القادمة مما عانيناه فى حياتنا».. انتهت رسالة د. علاء، ولم ولن ينتهى الحلم أبداً.
نقلاً عن "الوطن"