توقيت القاهرة المحلي 18:18:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان بين الثورة والسلطة

  مصر اليوم -

الإخوان بين الثورة والسلطة

عمار علي حسن

كانت تجربة الإخوان فى الحكم فاشلة بكل المقاييس، هم ظلوا عقودا من الزمن يزعمون أنهم «الحل» ولديهم «مشروع نهضة» وأنهم يشكلون أملا ووعدا للأغلبية الكاسحة من الناس، لكن حين حازوا السلطة ظهر أنهم بلا رجال دولة ولا مشروع ولا رؤية، وثبت للمصريين المسافة الشاسعة بين أقوالهم وأفعالهم. إن الشعب المصرى لم يصوّت على مشروع الإخوان، إن كان لهم مشروع متماسك حقا، إنما أراد أن يمنحهم فرصة، ويختبر مقولاتهم وشعاراتهم وادعاءاتهم، ولا تنسى أنهم أظهروا بعد رحيل مبارك انضباطا فى التعامل مع الجيش، وتحدثوا طويلا عن الاستقرار ودوران عجلة الإنتاج واحترام مؤسسات الدولة، وأن لديهم مشروعا للنهضة. لكن ثبت أن كل هذا كان نوعا من التسويق السياسى الفارغ والدعاية الرخيصة والتحايل، وحين اكتشف المصريون هذا خرجوا ليخلعوهم وينزعوا منهم سلطة لم يفعلوا أى شىء يدل على أنهم يفهمون متطلباتها والتزاماتها ومهامها. وكانت أولوية الإخوان هى الاستيلاء على الدولة المصرية، ثم تسخير كل إمكانياتها لخدمة تصورهم عبر العالم، لأنهم لا يؤمنون بالفكرة الوطنية، ويفكرون بطريقة «أممية» يصبح فيها الإخوانى ولو من كوريا أقرب إليهم من المسلمين المصريين الذين يعيشون معهم، ويقتسمون معهم الزاد والماء. وظنى أن الجهد الذى بذلوه فى الاستيلاء على الدولة لو كانوا قد وجهوه إلى إدارتها بما يليق بها لما سقطوا بهذه السرعة. وظل الإخوان يقولون للجميع إنهم ليسوا «طلاب سلطة»، وحتى حين بدت عليهم الرغبة رفعوا شعار «مشاركة لا مغالبة»، لكن لما دنت لهم الأمور سعوا إلى السيطرة على كل شىء من خلال عملية «أخونة» ممنهجة للدولة، ولو استمر حكمهم لصنعوا ميليشات مسلحة تابعة لهم، واستولوا على الجيش وحولوه إلى «جيش إخوانى» مهمته الأولى هى قمع معارضيهم، وليس يدافع عن البلاد. لقد تعامل الإخوان مع الثورة على أنها مجرد فرصة للقفز على السلطة، وخانوا الثوار ومطالب ومبادئ الثورة حتى قبل تنحى مبارك، حين ذهبوا للتفاوض مع نظامه على حساب الشعب والثورة، ولو كان النظام قد منحهم شيئا لباعوا الجميع من أجل مصالحهم، فهذه عادتهم طيلة حياتهم، خدمة السلطة والتحايل عليها، لحين تأتى الفرصة التى يأكلونها فيها. فعلوا هذا مع الملك فاروق وعبدالناصر والسادات ومبارك والمجلس العسكرى بعد ثورة يناير. وأمامنا تجربتان إخوانيتان فى الحكم، قبل التجربة المصرية، تجربة السودان التى تقول بوضوح إنهم يأكلون حلفاءهم، ويتشبثون بالسلطة حتى لو على حساب وحدة التراب الوطنى، ويمنعون غيرهم من الوصول إليها حتى لو سعى إلى ذلك بالطرق الشرعية السلمية، ويفشلون فى تحقيق ما وعدوا به الجماهير. أما فى غزة فإننا أمام تجربة «القرصنة السياسية» بكل معنى الكلمة، واستعمال الديمقراطية لمرة واحدة، والقسوة الشديدة فى معاملة المختلفين، والتآمر على المستقبل، والمتاجرة بالدماء، وبيع القضية ورهنها لحساب أطراف خارجية. فى الختام أعتقد أن خبرة سنة مع الإخوان ألغت ادعاءات خمسة وثمانين عاما، ولو لم يصلوا إلى السلطة ويجربهم الناس، لظلوا بالنسبة لهم هم «الوعد» و«الأمل» و«الحل»، ورب ضارة نافعة، فلهفتهم على الحكم كشفت نواياهم، وعرّت المكبوت والمضمر سنوات طويلة، وأجابت عن آلاف الأسئلة المعلقة فى أذهان الناس. ولو أنفق خصوم الإخوان السياسيون تريليون دولار لإقناع المصريين بحقيقتهم ما نجحوا فى إزالة التعاطف معهم، والتعامل معهم على أنهم أصحاب «مظلومية» كما يروجون عن أنفسهم، لكن حيازة الحكم حققت هذا الهدف بأيدى الإخوان أنفسهم. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان بين الثورة والسلطة الإخوان بين الثورة والسلطة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:34 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon