توقيت القاهرة المحلي 18:40:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما وراء تفجير المنصورة

  مصر اليوم -

ما وراء تفجير المنصورة

عمار علي حسن

ها هم الإرهابيون يستعرضون قبحهم وكراهيتهم، ويرشون الدم على وجه الوطن من جديد، وينفذون بعض ما هددوا به، فى حادث ليس الأول منذ الإطاحة بحكم الإخوان الفاشل، لكنه الأكبر والأفدح والأوعر، يطول هذه المرة جميلة الدلتا وزهرته البهية، المنصورة، المتحضرة الواعدة دوماً، فجميعنا يتذكر هذا الرجل ذا اللحية الكثة، فظيع المنظر، أسود المخبر، الذى وقف أمام الكاميرا ليهدد بسيارات مفخخة ستنفجر فى كل مكان، وستجرى الدماء أنهاراً، مكملاً رحلة حلفائه الماكرين، الذين قالوا من قبل: إن لم يعلن فوز مرسى، فسنحرق مصر كلها، ثم حاولوا هذا بعد فض تجمعهم فى رابعة والنهضة، فاستهدفوا الأقسام والكنائس والمنشآت الحكومية وكثيراً من بيوت المواطنين العزل الأبرياء. يظن هؤلاء الإرهابيون أن مثل هذه الأفعال الإجرامية، التى قد تشفى صدورهم التى تزخر بالكراهية والمقت، بوسعها أن تجعل مصر العظيمة تركع وتخضع وتعيد إليهم ما فقدوه، بعد أن سرقوا ثورة وخدعوا شعباً، أو تجعل هذا الشعب يندم على أنه قد نزل بعشرات الملايين، لينزع منهم ملكاً ما كانوا يستحقونه أبداً، وما كانوا مستعدين له إطلاقاً. ها هم يزحفون غرباً وشمالاً، فبعد تفجيرات شمال سيناء المتتابعة، ومثلها فى الإسماعيلية وبورسعيد، يصل الإرهاب إلى قلب الدلتا، التى كانت بعيدة عن مثل هذه الأفعال الدموية خلال الموجة الإرهابية التى انكسرت فى الثمانينات والتسعينات، وانتهت بتراجع الإرهابيين، بعضهم عن اقتناع بعدم جدوى الدم أو حرمته، وبعضهم تحايلاً ليلتقط أنفاسه ويعود من جديد، وبعضهم لأنه حاول أن يصل إلى هدفه بطرق غير دموية، وإن كان كثير من هؤلاء عادوا إلى سيرتهم الأولى بعد ثورة يونيو. وقد استغل بعض المتطرفين حالة الإرباك الأمنى التى أعقبت كسر جهاز أمنى قمعى وفاسد فى 28 يناير 2011 وأعادوا تجميع أنفسهم من جديد، فى خلايا عديدة، يطلقون عليها «الجهاديون الجدد»، أو هكذا نسميها بعد رصد توالدها على الساحة المصرية فى الشهور الأخيرة، بعضها يتحالف مع تنظيم الإخوان سراً، ويعمل لصالحه سواء بطريقة مباشرة من خلال تنسيق وترتيب نطق به بعض قادة الإخوان وهم يهددون عقب الإطاحة بمرسى، أو بطريقة غير مباشرة حين يحتمى بغطاء سياسى إخوانى ويفعل ما قد يصب فى صالح الجماعة العجوز، وبعضها يعمل بعيداً عن الإخوان، وإن كان قد رأى فى حكمهم مرحلة لعبوره إلى السلطة، حتى لو على جثث مئات الآلاف من الناس، أو تعامل معهم على أساس المثل الشعبى الذى يقول: «أنا وأخويا على ابن عمى، وأنا وابن عمى على الغريب»، وكلا الطرفين يتكاملان الآن على الساحة فى أعمال إرهابية مدبرة، يريدون منها أيضاً أن يعيقوا تقدم «خريطة الطريق» إلى الأمام، أو إجبار السلطة على الجلوس معهم، وفى الوقت ذاته ينتقمون من شعب لفظهم، يصفونه الآن بأنه «جاهلى» أو «كافر»، ويستحلون دمه وماله وعرضه، وفى كل الأحوال فإن كل هذه الجماعات الإرهابية نابتة من فكر التكفير الذى زرعته كتابات الإخوانى سيد قطب، بعد أن سطا على تصورات الباكستانى أبوالأعلى المودودى، وأضاف إليها من حدته وسخطه الكثير. إن هذا الحادث الإرهابى سينكسر على إرادة المصريين، مثلما انكسرت مئات الحوادث قبله، منذ أن بدأ «التنظيم الخاص» للإخوان عنفه الدموى فى أربعينات القرن المنصرم وحتى مراجعات تنظيم «الجماعة الإسلامية» مع مطلع القرن الحالى، سينكسر لأن «الجريمة لا تفيد» و«الإرهاب لا يجدى»، بل يزيد من متانة وارتفاع الجدار النفسى العازل بين هؤلاء، وكل من يشجعهم أو يتواطأ معهم، وبين عموم المصريين، الذين كانوا يتوقعون مثل هذه السلوكيات الدموية والهمجية من التكفيريين والإرهابيين، بل إن بسطاء الناس كانوا يقدرون أن إسقاط حكم الإخوان لن يمر بلا ثمن، لكنه فى نظرهم ثمن بخس، إن قيس بترك هذا التنظيم فى السلطة وقتاً إضافياً، يسمح له بمصادرة مستقبل مصر كله. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء تفجير المنصورة ما وراء تفجير المنصورة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:34 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon