توقيت القاهرة المحلي 16:49:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كنز الطرق الصوفية المنسى (٢-٢)

  مصر اليوم -

كنز الطرق الصوفية المنسى ٢٢

عمار علي حسن

يمكن دراسة الطرق الصوفية كظاهرة اجتماعية من حيث ولادتها وانتشارها ومدى انحسارها أو اتساعها ومعدل الحراك والتغير فى رموزها ومدى علاقتها بالسلطة على مر الأيام، ومن حيث أدوات المتصوفة فى تثبيت دعائم شرعيتهم والطرق الصوفية كظاهرة عابرة لحدود الدولة القومية وكإحدى مؤسسات المجتمع المدنى، وكذلك الدور الذى تلعبه فى مصلحة النظم الحاكمة حين تستخدم الدين مطية لكسب الشرعية أو تعزيزها. وفى إطار الدراسات التى تسعى لتفسير ظاهرة «الاستبداد» على سبيل المثال إما عبر «نمط الإنتاج الآسيوى ومجتمع النهر» أو «الفرعونية السياسية» يمكن إدخال الطرقية كأحد العناصر التى أسهمت فى تكريس هذا الاستبداد على اعتبار أن الطرق الصوفية ارتبطت فى الغالب الأعم بالسلطان، ولاقت تشجيعه ومباركته لتثبيت شرعيته أو مواجهة حركات دينية مناهضة له. فرغم احتواء الصوفية، فى فكرها وممارستها، على قيم إيجابية مثل التسامح والانتماء والمحبة فإنها اتسمت فى بنيتها الداخلية بالقهر سواء فى تنظيماتها المحكمة أو قوانينها الصارمة أو علاقة الشيخ بالمريدين ومدى ما يمثله من كاريزمية وكونه يستمد شرعيته من أسطورة الكرامة أو طهر النسب «الانتماء للأشراف». وكل هذه الدراسات يجب أن تقوم على إعادة النظر فى «الطرق الصوفية» خارج «الاعتقاد والتقديس» بمعنى أنها لم تعد شيئاً مقدساً وإنما ظاهرة اجتماعية شعبية حتى ولو أُطلق عليها «دين الحرافيش» أو «الدين الشعبى» مثلما يحلو للبعض أن يصفها. وهذا التقييم الجديد للطرق الصوفية لا بد أن يقوم على الدراسة المتعمقة والبحث الجاد انطلاقاً من شيئين رئيسيين: الأول هو ارتباط الطرق الصوفية بالمزاج الدينى العام وكون التربة الاجتماعية فى مصر والمغرب على وجه التحديد مهيأة إلى حد كبير لتقبلها، والثانى هو الانتفاع المادى لأرباب التصوف من أسر المشايخ والقائمين على الأضرحة، وهو الأمر الذى وصل إلى حد ادعاء البعض بوجود مقابر للأولياء فى أماكن معينة من أجل استغلال الميل الدينى لدى الناس فى حثهم على دفع النذور والصدقات. إن هناك من توقعوا تراجع الطرق الصوفية أو اندثارها فى المستقبل ويستندون فى ذلك إلى ثلاثة عوامل أولها موجة التحديث التى تتسرب رويداً رويداً إلى عقل المجتمع العربى والتى ستضع ظاهرة تقليدية مثل «الطرقية» فى موقف حرج، وثانيها ظهور وترعرع أشكال أخرى للتدين تتمثل فى جماعات شتى تتسطر فوق الخريطة العربية راحت تزاحم الصوفية، تنتقدها أحياناً وتجلدها أحياناً وتضربها فى مقتل اعتقادها الخاص بكرامات الأولياء والتضرع للأضرحة، وثالثها غياب الهدف السياسى الواضح للصوفية بينما تمتلكه القوى الإسلامية الأخرى. لكن يبدو أن الحقيقة تسير عكس هذه التوقعات، فطوال القرن العشرين سارت الصوفية فى اتجاه مخالف للرسم البيانى الذى بشّر به بعض الباحثين واستطاعت أن تضم بين مريديها بعض الفئات المحدثة، فباتت ظاهرة أوْلى بالدراسة العلمية الجادة، التى يمكن أن تخرج لنا بعشرات الرؤى والأفكار العميقة والنظريات الاجتماعية المهمة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كنز الطرق الصوفية المنسى ٢٢ كنز الطرق الصوفية المنسى ٢٢



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon