توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبعد من دستور

  مصر اليوم -

أبعد من دستور

عمار علي حسن

بيننا من لديه تحفظات على بعض مواد الدستور الحالى، ويتطلع إلى تعديلها فى السنوات المقبلة من خلال مجلس النواب، لكن هؤلاء، وغيرهم من الموافقين على الدستور برمته، بلا أى ملاحظات أو تحفظات، يدركون تماماً أن الخطوة التى ستبدأ اليوم أكبر بكثير من أن تكون مجرد استفتاء على دستور، بل تتعدى ذلك إلى تقديم برهان ناصع على أن ما جرى فى 30 يونيو ثورة شعبية أنجبت إرادة لم يكن أمام الجيش من طريق سوى أن ينحاز إليها، مثلما انحاز إلى إرادة الناس فى ثورة 25 يناير، وأجبر أحد قادته الكبار وهو حسنى مبارك على التخلى عن الحكم، ثم جىء به فيما بعد إلى قفص المحكمة. كما يرمى أولئك الذين سيزحفون اليوم وغداً نحو صناديق الاستفتاء إلى تعزيز الدرب الذى شقته «خريطة الطريق» التى انطلقت يوم 3 يوليو 2013، والذى يشكل الدستور أولى الخطوات القوية عليه، وستأتى الخطوات الأخرى متمثلة فى انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية، بل قد يتعدى الأمر هذا إلى رغبة جارفة فى تمتين الشرعية الثورية التى نشأت فى 30 يونيو، ولا تزال فصولها جارية، وفى طريقها إلى التحول نحو «شرعية دستورية» تبدو الأكثر رسوخاً منذ رحيل «مبارك» وحتى هذه اللحظة، مروراً بسنة من حكم جماعة الإخوان، شابها الخروج على الشرعية غير مرة، وشهدت دخولاً من قبل السلطة فى حرب مفتوحة ضد مؤسسات الدولة فى وقت واحد. وإذا كان دستور 2012 بدا فى مضمونه العميق خطوة كبرى نحو إضفاء شرعية على خطة «تمكين» الإخوان، فإن الدستور الحالى يبدو فى نظر السواد الأعظم من المصريين هو خطوة أكبر نحو استعادة الدولة المصرية، حتى لو لم يكن يحقق كل ما كان يحلم به الثوار. وفيما سيكتفى أناس بما ورد فى الدستور، ويعتبرونه إنجازاً فى حد ذاته، فإن هناك من سيسعى فى السنوات المقبلة إلى تعديل بعض المواد، لا سيما تلك الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، ورغم أنها جاءت أضيق بكثير وأكثر تحديداً من مثيلتها التى حواها دستور الإخوان، فإن تغيُّر الظروف بمرور الوقت سيجعل كثيرين غير مقتنعين باستمرار هذه المادة. وفى كل الأحوال فإن تغيُّر موازين القوة داخل المجتمع، قد يجعل الفئة المتغلبة أو المهيمنة أو صاحبة النفوذ الأعلى أو المسيطرة على مجلس النواب راغبة فى تعديل بعض المواد، وهى مسألة حدّد لها الدستور طريقاً واضحاً، وفى النهاية فإن الأمر سيعود إلى الشعب فى استفتاء عام. إن كثيراً من الدساتير قد تُفرِّغها من مضامينها القوانين والتشريعات المنبثقة عنها أو التى تسن فى ركابها أو رحابها، وهذه آفة مزمنة فى مصر، لكن يبدو أن الأغلبية الكاسحة من المصريين غير معنية فى هذه اللحظة بتلك الهواجس النابعة من تقاليد متوارثة، إما اتكاءً على ثقة الناس فى قدرتهم على التغيير، وفرض إرادتهم، أو لأن كثيرين لا يرون الانشغال بالتفاصيل عملاً مفيداً فى هذه اللحظة الحرجة، ومن ثم فإنه لا مفر من إقرار الدستور، وبالتالى فما نحن مقدمون عليه اليوم وغداً، هو أبعد من دستور. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من دستور أبعد من دستور



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon