توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا تعنى الثورة؟ (3 - 4)

  مصر اليوم -

ماذا تعنى الثورة 3  4

عمار علي حسن

9- حين تفشل الثورة، تدفع قيادتها وطليعتها ثمناً باهظاً. فالقوى المنتصرة على الثورة، أو التى طوّقتها وفرغتها من مضمونها وأجهزت على فعلها الإيجابى، ستعمل على تقييم الثورة باعتبارها عملاً تخريبياً، أو تصرفاً معوقاً للبلاد، وتمهد الرأى العام لتقبل كراهية الثوار تدريجياً، وتغذى الحنق عليهم، عبر وسائل عديدة، منها إطلاق الشائعات حول ارتباطاتهم وانتماءاتهم بما يصورهم على أنهم حفنة من «الخونة» الذين أرادوا هدم الوطن. ومنها تصيد أى أخطاء فكرية أو عملية للثوار وتسليط الضوء عليها وتضخيمها. ومنها أيضاً استمالة بعض الثائرين بمنافع ومكاسب صغيرة لمحاولة إظهارهم بأنهم مجموعة من الباحثين عن مغانم شخصية، وليس بناء وطن والعمل والتضحية من أجل الآخرين، كما يقولون فى خطابهم الثورى المفعم بالبلاغة. 10- لم ولن يكون الثوار على درجة واحدة من الولاء للثورة، ولا يقفون منها عاطفياً وعقلياً على قدم سواء، فمن بينهم المخلص المستعد للاستشهاد فى سبيل نجاحها، ومنهم من يريد أن يعطيها بقدر لا يفقده حياته، وهناك من يراها فرصة تاريخية لبناء وطن حر مكتفٍ عادل مهيب طالما كان يحلم بالعيش فيه، ويوجد من يعتقد فى أنها ستخلق مساراً اجتماعياً يحقق له المكانة اللائقة، وهناك من يعول على الثورة فى أن تعوضه عن منصب أو مال أو جاه افتقده أيام النظام الذى هدمته الثورة. وهناك من يتحلل من كل هذا، فلا هو استشهادى رومانسى حالم فى ثوريته، ولا هو باحث عن منفعة ذاتية، إنما تربطه بالثورة علاقة عاطفية بسيطة، إذ يجد نفسه فيها، وكأنها مشروعه الحياتى الذى كان يبحث عنه، أو أنها هى الحدث الكبير الذى تحققت فيه ذاته المنسحقة منذ سنوات، ولذا يعتقد أنه سيضيع ويعود إلى سابق ذله واستضعافه إن خمد الفعل الثورى، الذى شارك فيه، وعول عليه فى تحصيل الكرامة. 11- قد تختلف الأسباب التفصيلية والصغيرة التى تؤدى إلى اندلاع الثورات، لكن الأسباب العامة والأساسية تتشابه إلى حد كبير. وسعى المفكرون والخبراء للإجابة عن سؤال مفاده: ما الظروف التى تحدث فيها الثورات؟ وتنوعت إجاباتهم بقدر تنوع أيديولوجياتهم والبيئة السياسية التى عاشوا فيها، والتجربة الحياتية التى مروا بها. فها هو كارل ماركس يتنبأ بثورة للبروليتاريا ضد الطبقات البرجوازية والدولة الرأسمالية لكن نبوءته لم تتحقق حتى الآن. وقد وجد «برينتون» نقاط التقاء بين مختلف مراحل الثورات الإنجليزية والأمريكية والفرنسية والروسية، وتنبأ بأن الأخيرة سيكون لها تأثيرها الخارجى الكبير وهو ما وقع بالفعل. وخلص إلى أن إحدى علامات الثورة هى وجود نخبة تسرَّب شك عارم إلى نفسها حيال شرعية السلطة القائمة، وتؤمن بأن التحرك لإسقاطها بات واجباً. وينتهى «جونسون» من دراسة الثورات الروسية والفرنسية والصينية إلى أن الأوضاع فى البلدان الثلاثة كانت تنذر بالتمرد والعصيان قبل اندلاع الثورة. وتحدث «جور» عن أن الثورة تقوم حين يبلغ الاحتقان النفسى من النظام الحاكم مداه. وهناك كثيرون أوردوا فى تحليلاتهم للثورات عوامل عابرة مثل العواقب الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة للنمو السكانى السريع، وحالة الشك والغموض والالتباس التى تعقب الحروب، وأى عناصر أخرى تشكل ضغوطاً شديدة على النظام السياسى ليس بوسعه تحملها، ومن ثم لن يجد مفراً من الانهيار. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)   نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا تعنى الثورة 3  4 ماذا تعنى الثورة 3  4



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon