توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما أنجزته ثورة يناير

  مصر اليوم -

ما أنجزته ثورة يناير

عمار علي حسن

لم تتحقق كل أهداف ثورة يناير العظيمة بعد، لكنها أنجزت الكثير حتى هذه اللحظة، وستمضى فى طريقها، بمرور الأيام، بفضل المخلصين والوطنيين من الثوار والنابهين من الناس، حتى تصل إلى ما تصبو إليه، كاملاً غير منقوص. ويمكننى أن أوجز هذه الإنجازات فى النقاط التالية: 1- انكشاف الإخوان، فهم استعملوا الثورة وسيلة لاقتناص السلطة، ليصعدوا إلى خشبة المسرح فيرى الناس عوراتهم، بعد أن كانوا يتعاطفون معهم أيام «مبارك»، ظانين أنهم ضحايا أو مناضلون أو شهداء أو أصحاب حلم ووعد وأمل ويمتلكون حلاً للمشكلات التى يعانى منها الشعب. ولو لم تقُم الثورة لظل الإخوان يتمددون فى صمت ومكر حتى يمسكوا بمزيد من ركائز القوة المادية والبشرية، وحين يحوزون السلطة بعدها يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إزاحتهم عنها سنين طويلة، سواء بصندوق الانتخابات، الذى كانوا سيزورونه بعد أن تعلموا كل دروس الحزب الوطنى الفاسد فى هذا وزادوا عليها الكثير، أو من خلال احتجاج، كان أنصارهم الكثر وقتها سيتصدون له بقسوة. 2- تهافت المسار السلفى: فقبل الثورة كان بعض الشيوخ المحسوبين على هذا المسار لهم فى نفوس الناس هيبة ومكانة، فكلامهم مصدق، ووعظهم مستساغ، وطلبهم مستجاب، وكان هؤلاء يقومون حثيثاً بتغيير طبيعة التدين المصرى الوسطى، ويغتالون فى بطء المؤسسات الدينية التى بناها المصريون فى قرون طويلة، وعلى رأسها الأزهر، ولو لم تقُم الثورة لظل هؤلاء يتمددون بلا توقف، حتى يصبح أتباعهم بعشرات الملايين، ووقتها سيصلون إلى السلطة، بتحالف مع الإخوان أو من دونهم، ولن يستطيع أحد إزاحتهم للأسباب السابقة ذاتها. وحتى لو لم يطلبوا الحكم أو يسعوا إليه فإنهم سيحرثون الأرض أمام إخوانى أو متطرف ليقتنص العرش، وإن لم يفعلوا ذلك، فعلى الأقل سيغيرون الكثير من قيم المصريين واتجاهاتهم ومعارفهم. 3- حققت الثورة ما نسميه «الاقتدار السياسى» الذى يعنى ثقة الناس فى أنفسهم، وهو شرط أساسى لأى حكم رشيد أو ديمقراطى، فالمصريون كسروا حاجز الخوف وأسقطوا الصمت، وصارت لهم هيبة فى نفوس أهل الحكم، ولم يعد بوسع من يجلس على الكرسى الكبير أن يسخر منهم أو يستهتر بهم. وإن لم يفعل كان بوسعهم أن يخرجوا ويسقطوه مثلما جرى فى ثورة يونيو العظيمة. وقد غيرت الثورة حتى بعض من كانوا ينتمون إلى الحزب الحاكم قبلها، ممن تعلموا الدرس، بعد أن كانوا يعتقدون أن سبيل التغيير الوحيد هو الانخراط فى صفوف السلطة، أو نفاقها، ليتقدموا خطوات نحو المواقع السياسية أو المنافع المالية، وكانوا يتصورون أن الشعب عاجز عن الفعل، وأن الرافضين للحكم مجموعة من المجانين الذين يطلبون المستحيل. كما غيرت من نفوس الملايين الذين كانوا مستسلمين لكل ما يجرى، وهم ما سميناهم «حزب الكنبة» والذين رأيناهم فى الشوارع بعشرات الملايين يسحبون الإخوان من على العرش. 4- تعززت المشاركة السياسية بعد الثورة، حيث كان الإحجام عنها آفة مصرية، ومرضاً عضالاً، مما مكن السلطات المتعاقبة من تزوير إرادة الناس، والانفراد بالقرار. فبعد الثورة بدأنا نعرف ظاهرة طوابير الانتخابات الطويلة، وبات المواطن مدركاً أن صوته يمكن أن يغير التاريخ، أما قبل الثورة فكان الشعار السائد: «ستفعل الحكومة ما تريد رضينا أم أبينا». وقبل الثورة كان أقصى أمانى المعارضة أن تتم تنقية الجداول الانتخابية، أو يسمح بالتصويت بالرقم القومى، وهو ما تم بعد الثورة، علاوة على ضمانات عديدة للنزاهة، عبر إشراف القضاء، ووجود لجنة عليا مستقلة لإدارة الانتخابات، ونقل عملية التصويت على الهواء مباشرة فى وسائل إعلامية عديدة. 5- عدلت الثورة الكثير من الأطر السياسية والقانونية الحاكمة، بعد تهذيب صلاحيات الرئيس، وإقرار توازن بين السلطات فى الدستور، وتحديد قواعد للتعددية السياسية وتداول السلطة. وفى هذا خير كبير، إذ إن أغلب الآفات التى أصابت مصر قبل الثورة جاءت من باب تأبد الحاكم فى موقعه، لا يبدله سوى القبر، فتكونت حوله شلة من المنتفعين الفاسدين، واستمرأ تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة، وتوحش الجهاز الأمنى، وانحرف عن مهمته، وكبر أصحاب الاحتكارات واتسعت الهوة بين الطبقات. 6- فضحت الثورة كثيراً من المنافقين والمرجفين، فمع تقلب الأوضاع السياسية تعرى اللاعبون على الحبال، ومن يفضلون مصالحهم على مصالح الوطن. هذه أهم مكتسبات الثورة حتى الآن، وهى ليست بالقليلة، وعلى الثوار أن يشعروا بنبض الناس، ويتبنوا قضاياهم، وينظموا أنفسهم لإدارة المجتمع، وكلى ثقة فى أن حضور الشعب فى المشهد سيصحح الأخطاء تباعاً، ويرمم الشروخ بلا توقف، ويدفع عربة التاريخ إلى الأمام، ويجعل أرواح الشهداء لا تذهب سدى، وجراح المصابين لا تنزف بلا جدوى. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما أنجزته ثورة يناير ما أنجزته ثورة يناير



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon