توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى الثقافة والسياسة (1-2)

  مصر اليوم -

فى الثقافة والسياسة 12

عمار علي حسن

هذا حوار أجراه معى المحرر الثقافى المتميز الأستاذ حاتم رجائى، تحدانى فيه بأسئلة عميقة، فسعيت إلى أن تأتى الإجابات على قدر التحدى، فانطوى على آراء وتصورات أعتقد أنه قد يكون من المفيد لقارئ جريدة «الوطن»، واسعة الانتشار، أن يطلع عليها، وإلى نص الحوار: * فى روايتك شجرة العابد استلهمت روح الصوفية ورأى البعض أنك تطرح التصوف كحل وجودى لأزمات العالم الإنسانى، فهل يمكن للتصوف من وجهة نظرك أن يساهم بالفعل فى مواجهة الإرهاب والتطرف ويعمل على وجود عالم أكثر رقياً؟ - ابتداءً، علينا أن نفرق بين التصوف الذى يعنى العلاقة الخاصة جداً مع الذات الإلهية، وبين (الطرقية) التى حولت التصوف إلى تجربة اجتماعية احتفالية ذات بعد دينى، الأول هو حل من زاوية القيم التى ينطوى عليها وهى المحبة والزهد والتسامح، وهى قيم تنقص الحركات الإسلامية المسيّسة التى حولت الدين إلى أيديولوجيا ودعاية سياسية رخيصة، فكان ذلك على حساب المقدس والجليل والروحى فى الإسلام. * كان للصوفية تأثير واضح على الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر.. لماذا لم يعد هذا التأثير قائماً، وكيف ترى واقع الطرق الصوفية الآن؟ - الطرق الصوفية قديماً كانت المسار الأبرز لا سيما فى زمن المماليك والعثمانيين، وربطها البعض وقتها بانتشار الفقر وطغيان الموروث الشعبى على التصورات الدينية، وكان الحكام منذ صلاح الدين يعتنون بالطرق الصوفية لكسب الشرعية ومواجهة أى خطاب دينى مناهض من زاوية ميل الحكام إلى الدين المستأنَس الذى لا يطلب تغييراً ولا ينتصر للعدل والحرية وهما قيمتان أصيلتان فى النص الدينى السماوى، أما الآن فالطرق الصوفية متشرذمة وباهتة ومنسحبة تماماً أمام خطاب سلفى جامد وآخر إخوانى مغرض، لكن بعد انكشاف أتباع هذا التيار بات الطريق مفتوحاً للطرق الصوفية كى تعزز مسارها شريطة أن تنقى نفسها من الشوائب وتربح الرجال الذين يمتلكون روحاً فياضة وعقلاً خلاقاً وقدرة على طرح تصورات تنقذ الناس من طغيان المادى فى حياتهم وتجيب على أسئلة الواقع الاجتماعى. * يُعرف عنك أنك متعدد الاهتمامات ولك فى كل غنيمة سهم، بالنسبة للأدب هل لك أن تلخص لنا ملامح مشروعك الأدبى، وما الذى قدمته فى الأدب ولم تقدمه فى الكتب والمقالات؟ - كتبت الأدب لأنى من المؤمنين بأن العلم لا يجافى الجمال، وأن هناك وحدة بين العلوم الإنسانية تجعلنا أمام علم إنسانى واحد ذى فروع متعددة، كما أعتقد أن الأدب رغم أنه تشكيل جمالى للغة فى شاعريته وصوره المفارقة وروعة خياله يحمل مضامين اجتماعية حتى فى أكثر صوره فنيةً، وحتى الذين اعتمدوا على فهم النص من داخله مستبعدين تأثير السياق الاجتماعى عليه عادوا ليعترفوا بخطئهم، وها هو أحد أبرزهم الناقد الكبير (تيزفتيان تودورف) يكتب كتابه «الأدب فى خطر» ليقر بأن كل المدارس النقدية التى تعاملت مع الأدب كنص فنى خالص قد ظلمته وكل المبدعين الذين حاولوا تجنب التعانق بين الجمالى والنفسى من ناحية، وبين الاجتماعى والإنسانى من ناحية أخرى قد جانبهم الصواب، ويكفى أن نقرأ نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وبهاء طاهر ومحمد البساطى وخيرى شلبى وإبراهيم أصلان وإبراهيم عبدالمجيد وغيرهم لنبرهن على هذا، وحتى بعض مبدعى الجيل الجديد الذى نظر له إدوارد الخراط تحت عنوان «الحساسية الجديدة» لا تخلو أعمالهم من جوانب اجتماعية وإن أنكروا، وكل الأعمال المهمة التى حازت نوبل أو البوكر أو غيرهما من الجوائز الأدبية المرموقة كانت تحتوى مقولات عميقة تنتمى إلى ما نسميه «السرديات الكبرى»، وأنا حريص فى كتابتى الأدبية على أن تكون البنية الجمالية للغة والتخيل حاضران بشدة وهى نوع من الكتابة يختلف فى الأسلوب وليس فى المضمون عما أكتب فى دراساتى الاجتماعية والسياسية. وأستغرب أننا بعد قراءة طه حسين ولويس عوض نعود لنسأل أسئلة عن الفصل بين إنتاج العلم وإبداع الأدب، لا سيما بعد أن أقبل باحثون وكتاب وعلماء على كتابة الرواية فى العقد الأخير؛ فعبدالله العروى فيلسوف كبير وله رواياته، وحليم بركات عالم اجتماع بارع وروائى مهم فى الوقت نفسه، وحتى أحلام مستغانمى الروائية الشهيرة هى أستاذة اجتماع، وأدونيس الشاعر الفطحل باحث كبير فى الوقت ذاته والدليل كتابه المؤسس (الثابت والمتحول)، وفى مصر أقبل قضاة وأطباء ومهندسون ومحاسبون وباحثون كثر على كتابة الرواية، لكن يبدو أن أولئك الذين لا يمتلكون القدرة على إنتاج ألوان متعددة من الكتابة مصرون على هذا الفصل الحاد الذى يبررون به عجزهم. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى). نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى الثقافة والسياسة 12 فى الثقافة والسياسة 12



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon