توقيت القاهرة المحلي 16:22:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى الثقافة والسياسة (1-2)

  مصر اليوم -

فى الثقافة والسياسة 12

عمار علي حسن

هذا حوار أجراه معى المحرر الثقافى المتميز الأستاذ حاتم رجائى، تحدانى فيه بأسئلة عميقة، فسعيت إلى أن تأتى الإجابات على قدر التحدى، فانطوى على آراء وتصورات أعتقد أنه قد يكون من المفيد لقارئ جريدة «الوطن»، واسعة الانتشار، أن يطلع عليها، وإلى نص الحوار: * فى روايتك شجرة العابد استلهمت روح الصوفية ورأى البعض أنك تطرح التصوف كحل وجودى لأزمات العالم الإنسانى، فهل يمكن للتصوف من وجهة نظرك أن يساهم بالفعل فى مواجهة الإرهاب والتطرف ويعمل على وجود عالم أكثر رقياً؟ - ابتداءً، علينا أن نفرق بين التصوف الذى يعنى العلاقة الخاصة جداً مع الذات الإلهية، وبين (الطرقية) التى حولت التصوف إلى تجربة اجتماعية احتفالية ذات بعد دينى، الأول هو حل من زاوية القيم التى ينطوى عليها وهى المحبة والزهد والتسامح، وهى قيم تنقص الحركات الإسلامية المسيّسة التى حولت الدين إلى أيديولوجيا ودعاية سياسية رخيصة، فكان ذلك على حساب المقدس والجليل والروحى فى الإسلام. * كان للصوفية تأثير واضح على الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر.. لماذا لم يعد هذا التأثير قائماً، وكيف ترى واقع الطرق الصوفية الآن؟ - الطرق الصوفية قديماً كانت المسار الأبرز لا سيما فى زمن المماليك والعثمانيين، وربطها البعض وقتها بانتشار الفقر وطغيان الموروث الشعبى على التصورات الدينية، وكان الحكام منذ صلاح الدين يعتنون بالطرق الصوفية لكسب الشرعية ومواجهة أى خطاب دينى مناهض من زاوية ميل الحكام إلى الدين المستأنَس الذى لا يطلب تغييراً ولا ينتصر للعدل والحرية وهما قيمتان أصيلتان فى النص الدينى السماوى، أما الآن فالطرق الصوفية متشرذمة وباهتة ومنسحبة تماماً أمام خطاب سلفى جامد وآخر إخوانى مغرض، لكن بعد انكشاف أتباع هذا التيار بات الطريق مفتوحاً للطرق الصوفية كى تعزز مسارها شريطة أن تنقى نفسها من الشوائب وتربح الرجال الذين يمتلكون روحاً فياضة وعقلاً خلاقاً وقدرة على طرح تصورات تنقذ الناس من طغيان المادى فى حياتهم وتجيب على أسئلة الواقع الاجتماعى. * يُعرف عنك أنك متعدد الاهتمامات ولك فى كل غنيمة سهم، بالنسبة للأدب هل لك أن تلخص لنا ملامح مشروعك الأدبى، وما الذى قدمته فى الأدب ولم تقدمه فى الكتب والمقالات؟ - كتبت الأدب لأنى من المؤمنين بأن العلم لا يجافى الجمال، وأن هناك وحدة بين العلوم الإنسانية تجعلنا أمام علم إنسانى واحد ذى فروع متعددة، كما أعتقد أن الأدب رغم أنه تشكيل جمالى للغة فى شاعريته وصوره المفارقة وروعة خياله يحمل مضامين اجتماعية حتى فى أكثر صوره فنيةً، وحتى الذين اعتمدوا على فهم النص من داخله مستبعدين تأثير السياق الاجتماعى عليه عادوا ليعترفوا بخطئهم، وها هو أحد أبرزهم الناقد الكبير (تيزفتيان تودورف) يكتب كتابه «الأدب فى خطر» ليقر بأن كل المدارس النقدية التى تعاملت مع الأدب كنص فنى خالص قد ظلمته وكل المبدعين الذين حاولوا تجنب التعانق بين الجمالى والنفسى من ناحية، وبين الاجتماعى والإنسانى من ناحية أخرى قد جانبهم الصواب، ويكفى أن نقرأ نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وبهاء طاهر ومحمد البساطى وخيرى شلبى وإبراهيم أصلان وإبراهيم عبدالمجيد وغيرهم لنبرهن على هذا، وحتى بعض مبدعى الجيل الجديد الذى نظر له إدوارد الخراط تحت عنوان «الحساسية الجديدة» لا تخلو أعمالهم من جوانب اجتماعية وإن أنكروا، وكل الأعمال المهمة التى حازت نوبل أو البوكر أو غيرهما من الجوائز الأدبية المرموقة كانت تحتوى مقولات عميقة تنتمى إلى ما نسميه «السرديات الكبرى»، وأنا حريص فى كتابتى الأدبية على أن تكون البنية الجمالية للغة والتخيل حاضران بشدة وهى نوع من الكتابة يختلف فى الأسلوب وليس فى المضمون عما أكتب فى دراساتى الاجتماعية والسياسية. وأستغرب أننا بعد قراءة طه حسين ولويس عوض نعود لنسأل أسئلة عن الفصل بين إنتاج العلم وإبداع الأدب، لا سيما بعد أن أقبل باحثون وكتاب وعلماء على كتابة الرواية فى العقد الأخير؛ فعبدالله العروى فيلسوف كبير وله رواياته، وحليم بركات عالم اجتماع بارع وروائى مهم فى الوقت نفسه، وحتى أحلام مستغانمى الروائية الشهيرة هى أستاذة اجتماع، وأدونيس الشاعر الفطحل باحث كبير فى الوقت ذاته والدليل كتابه المؤسس (الثابت والمتحول)، وفى مصر أقبل قضاة وأطباء ومهندسون ومحاسبون وباحثون كثر على كتابة الرواية، لكن يبدو أن أولئك الذين لا يمتلكون القدرة على إنتاج ألوان متعددة من الكتابة مصرون على هذا الفصل الحاد الذى يبررون به عجزهم. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى). نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى الثقافة والسياسة 12 فى الثقافة والسياسة 12



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon