توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روح الفريق

  مصر اليوم -

روح الفريق

عمار علي حسن

نحن بحاجة ماسة إلى العمل بـ«روح الفريق» فى السياسة والاستراتيجية والتخطيط الهادف إلى عبور الأزمات، والأهم من كل هذا فى العلم وتجاربه واكتشافاته المذهلة. فالطابع الجماعى للعلم خاصية اكتسبها مفهوم العلم نفسه مع مطلع العصر الحديث، حيث لم يعد جهداً فردياً بحتاً، لا سيما بعد أن استقل عن الفلسفة، وتشعّب إلى حد بعيد، وأصبح مع توالى أجيال من العلماء فروعاً وحقولاً يسعى كل منها إلى الاكتمال. وكان العلماء فى البداية يتبادلون المعارف عبر الرسائل، ولكن سرعان ما اتضح أن الرسائل المتبادلة أسلوب بطىء لا يسمح بنشر المعرفة وإخضاعها لنقد العقول الأخرى وتحليلها، إذ لم تكن ظروف ذلك العصر تسمح للعلماء إلا بتبادل رسالة أو رسالتين فى السنة كلها، بينما كان عدد الأبحاث العلمية يتزايد ويتوالد بشكل لافت، ولذا بدت الحاجة ماسة إلى إنشاء جمعيات علمية، يتبادل فيها العلماء أبحاثهم ويتناقشون حولها، ثم يقسمون أى عمل علمى بينهم وفق خطة مدروسة وممنهجة. فمن يقفون خارج المشكلة ويطالعونها بعمق، يرونها بشكل أفضل، ومن يتأملون فى القضايا والظواهر من خارج المنغمسين فى تلال من المعلومات حولها قد يكتشفون جوانب خفية على هؤلاء المنهمكين فى التفاصيل حتى ذقونهم، وبالتالى يكون بوسعهم أن يقدموا حلولاً إبداعية أو مبتكرة، ويضعون أيديهم على ما ستسير فيه هذه المشكلة مستقبلاً، بل يدركون بشكل أفضل مستقبل الحلول التى يضعونها. ويطلق الباحثان إدى فاينر وأرنولد براون على هذا الوضع اصطلاح «عجز المعلمين» ويلخصان تجربتهما فى هذا الصدد بقولهما: «لن نعمد أبداً إلى التوجه للأطباء وحدهم لمساعدتنا فى رؤية مستقبل الرعاية الصحية، أو إلى قادة الجيش فقط لتحديد مستقبل الأمن القومى. فالناس عموماً، على الصعيدين المهنى والشخصى، يعرفون الكثير عما لديهم، إلى الدرجة التى تجعلهم آخر من يرى ذلك المستقبل بشكل مختلف». ولهذا كانت الاكتشافات العبقرية لأبرز علماء الفيزياء، وفى مقدمتهم ألبرت آينشتاين، قد حدثت من خلال حوار مفتوح وصادق وبسيط بينهم، بعد أن قضوا سنوات يلتقون ويتحدثون ويتبادلون أفكاراً صارت فيما بعد تشكل أسس الفيزياء الحديثة. واعتاد جوناس سولك، مطور المصل الذى قضى على شلل الأطفال، أن يجمع رجالاً ونساءً من حقول ومجالات معرفية وعلمية شديدة الاختلاف ليتفاعلوا مع بعضهم أثناء جلسات جماعية، وشعر أن هذه الطريقة أسهمت فى تعزيز قدرته على إبداع أفكار جديدة. كما أدرك إليكس أورسبون، الأمريكى المتخصص فى الإعلانات، أهمية العصف الذهنى فى إنتاج أفكار جديدة، وسعى إلى خلق بيئة خالية من كل القيود، تشجع على إطلاق العنان للخيال لمجموعة من الأفراد تلتقى لتناقش فكرة أو تحل مشكلة معينة. وفى العلوم الإنسانية، يؤمن عالم الاجتماع رايت ميلز بأن «الحلقات النقاشية» عن المشاكل، والمناهج، والنظريات، بوسعها أن تسهم فى فهم الظواهر بشكل أعمق، والتنبؤ بمستقبلها، ويدعو إلى ضرورة أن تنصب هذه الحلقات على العمل أو الفكرة التى يكون المتناقشون بصددها، ويجب أن يهتدى العمل بنتائجها. ولعل ما قدمته مدرستى «براغ» و«فرانكفورت» ما يبرهن بجلاء على أهمية العمل بروح الفريق من أجل إبداع الجديد، ومحاولة كشف غموض ما سيأتى. وقد تكون القاعدة المناسبة فى هذا الخصوص هى أن حاصل تخيل عدة أشخاص سيكون بالقطع أفضل وأكثر دقة من تخيل شخص واحد، ويمكننا أن نطلق على هذا «الخيال الجمعى»، وهو حالة أكثر إحكاماً وتحديداً من اصطلاحات مثل «المخيال الشعبى»، الذى يعبر عما تنتجه جماعة بشرية واسعة من أساطير وحكايات تمجّدها وتحافظ على تماسكها. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح الفريق روح الفريق



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon