عمار علي حسن
ما يدعو للأسف والأسى فى آن تلك الأخبار التى تتوالى عن اعتقال وحبس العديد من الشباب الذين كان لهم دور سياسى بارز قبل انطلاق ثورة يناير، واستمر بعدها، وترسخ مع ثورة يونيو التى أنهت حكم جماعة الإخوان. وكثير من هؤلاء إن كانوا قد آمنوا بأن طريق الثورة هو الاحتجاج المستمر، وهذه مسألة يمكن أن نناقشهم فيها ونبين لهم أن طرق الكفاح متعددة، فإن الرد عليهم لا يكون بهذه الطريقة الخشنة، لا سيما فى وقت تعلن فيه السلطة الانتقالية أنها شرعت فى فتح حوار جاد مع الشباب، للتعرف على أسباب غبن قطاعات منه، وتقف على تصوراتهم واقتراحاتهم للمرحلة المقبلة، وتنصت إلى مطالبهم العامة، التى تروم، فى الغالب الأعم، إعلاء المصلحة الوطنية، وبناء النظام السياسى الذى دفع كثيرون أرواحهم ثمناً له، ونزفت بسببه جراح عشرات الآلاف على مدار ثلاث سنوات.
أكتب هذا بمناسبة رسالة وردت إلى هاتفى غير مرة من بعض هؤلاء الشباب، الذين يضنيهم ما يتعرض له زملاؤهم الذين تم اعتقالهم يوم 25 يناير الماضى وما قبله وبعده، ممن لم يرتكبوا عنفاً، ولم يشاركوا فى تخريب أو تدمير، ولم يحرضوا على هذا وذاك ويخالفوا القانون. آخر هذه الرسائل تخص خالد السيد «عضو ائتلاف شباب الثورة»، الذى تشكل خلال ثورة يناير وقام بحل نفسه فيما بعد، وزميله ناجى كامل، وتقول إنهما تعرضا لإهانة جسيمة، وهناك محاولة لكسر إرادتهما بشتى الطرق، وأنهما ما إن وصلا إلى سجن أبوزعبل حتى تم فصلهما عن بعضهما، وأن هذا يتم تحت إشراف جهاز «الأمن الوطنى»، بعد أن أمرت النيابة بحبسهما خمسة عشر يوماً، وستنظر اليوم فى مسألة التجديد لهما.
حالة خالد وناجى متكررة، وهناك شكاوى متواصلة من زملائهما، فى وقت أعلن فيه الرئيس عدلى منصور الإفراج عن المحبوسين احتياطياً من الشباب، وينتظر كثيرون تنفيذ هذا القرار بشكل كامل وواضح لا لبس فيه ولا إعوجاج ولا تسويف.
إن هذه الطرق وتلك الأساليب فى التعامل مع المعارضين السياسيين السلميين لم تعد تجدى نفعاً، ولو كان بوسعها أن تحقق هذا ما سقط نظام مبارك وحكم مرسى وجماعته، والأولى بالسلطة الحالية أن تستفيد من أخطاء الماضى، ولا تقع فى هذا الفخ العميق، وتستسلم لآراء وتوجهات أولئك الذين لا يعرفون إلا الحلول الأمنية الخشنة والغليظة، ويعتقدون أن بوسعهم أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء.
إن قول السلطة «لا عودة إلى الوراء» لا يمكن لأحد أن يصدقه أو يثق به فى ظل اتساع الفجوة بين القول والفعل، ومع الاستمرار فى سياسة «العصا» و«الجزرة»، فشباب تتم دعوته للحوار، وآخرون يؤخذون إلى غياهب الزنازين، فالأمر الراسخ أن أول مطلب لمن يتحاورون هو الدعوة إلى الإفراج عن رفاقهم، وهذا أول شىء يجب أن يستجيب له الرئيس، إن كان جاداً فى الحوار، أو راغباً فى السير أى خطوات نحو «تمكين الشباب»، حسبما نصت وأقرت ووعدت «خريطة الطريق»، التى ما كان لها أن ترى النور لولا طليعة ثورية ظلت تقاوم حكم الإخوان إلى أن انضم إليها الشعب فى 30 يونيو، ونزل الجيش على إرادة الجميع.
نقلاً عن "الوطن"