توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لا يعرفه «السيسى»

  مصر اليوم -

ما لا يعرفه «السيسى»

عمار علي حسن

درس المشير عبدالفتاح السيسى مقررات فى علم الاستراتيجية، وبالقطع فى العلوم العسكرية، لكن يبدو أنه لم يدرس شيئاً عن «الرأى العام»، ولم يقرأ عن دور «الأفندية» فى بناء مصر الحديثة. وهذه ليست معلومات لدىّ، إنما هى استنتاج من خطاب الرجل وطريقة تصرّفه وتعامله على مدار الشهور القليلة الفائتة حين سطع نجمه بقوة بعد اختباء أو توارٍ طويل بحكم موقعه وطبيعة مهمته. ورغم أن الرجل تولى منصب مدير المخابرات الحربية فإن الجيش ليس به «رأى عام» بالمعنى العلمى، وهذا سمت الجيوش فى كل أرجاء الأرض، فالانضباط وصرامة التعليمات والتراتبية ووحدة الهدف وحيز الاهتمامات المحدد بدقة، حالت دون ولادة هذا الشىء فى صفوف القوات المسلحة، مثلما يكون فى رحاب الحياة المدنية المعقدة والمركبة والمتنوعة. فـ«السيسى» يتصرف، على ما يبدو، وكأن الرأى العام المصرى كتلة صماء ثابتة، وبالتالى فإن الشعبية الجارفة التى وُلدت له عقب إطلاق خريطة الطريق وعبّرت عن هذا بتلبية ندائه فى 26 يوليو الفائت بنزول عشرات الملايين إلى الشوارع، ستظل على حالها إلى الأبد، ولن تنزف بمرور الوقت نتيجة ما يقال عن تردده أو حيرته أو نظراً إلى تحمله جزءاً كبيراً من مسئولية ما يجرى الآن فى الساحة السياسية أو الدعاية السوداء التى تطلق ضده من قِبل جماعة الإخوان وأتباعها، وأبعدها تأثيراً عليه فى سباق الرئاســة تــلك التــى تصفــه بأنـه رجل فى عنقه دم، وسيظل طيلة الوقت مطلوباً للثأر، وهذا سيؤثر على موقعه كرئيس. ما لا يعرفه «السيسى» الآن أن شعبية أى شخص، سياسياً كان أو قائداً عسكرياً، لا تبقى على حالها الذى كانت عليه وقت الجيشان العاطفى، ولن تبقى إن نزل الرجل إلى حلبة السياسة، حيث سيراه الناس فى زى مدنى وينتظر بعضهم أن يسمعوا منه كلاماً مختلفاً، يضاهونه بما فى رؤوسهم من مقياس على رئيس الجمهورية المنتظر، وحيث سيتاح لمنافسيه أن ينتقدوه، بل يهاجموه أحياناً، إن وجدوا أن هذا فى صالحهم. وهذا المخاض إما أن يخرج منه «السيسى» معززاً شعبيته وإما العكس، والأمر متوقف على أدائه. الشىء الآخر الذى لا يعرفه «السيسى» أنه يبدو غير معنى برأى أو موقف جماعات المثقفين ومنتجى المعرفة والعلماء وقادة الرأى العام والمنخرطين فى الحياة الحزبية ونشطاء السياسة وقطاع من شباب الثورة قدر عنايته بموقف عموم الناس أو «أولاد البلد». ففى الانتخابات يتساوى صوت الفرّان والفلاح والنجار والكوّاء مع صوت الروائى وعالم الفيزياء والطبيب الماهر والسياسى البارع. أما بعد الانتخابات فيختلف الأمر، إذ تكون قدرة هذه النخب على الفعل أوسع بكثير من قدرة الطبقات البسيطة. وهنا أتذكر ما كان يقوله الرئيس السادات: «لا يزعجنى العمال والفلاحون، إنما الأفندية»، وبالطبع فإن الحركة الطلابية والقيادات الفكرية والسياسية هى التى زعزعت عرش «السادات»، فاعتقلهم، فتمهد الطريق أمام اغتياله. ولا يعنى هذا أن هناك مهنة أرقى من غيرها، فكلنا يؤدى دوره، والمهم أن يتقن عمله، ومن الضرورى، بل من النبل، أن يلتفت الحاكم إلى بسطاء الناس واحتياجاتهم، لكن حين يدير الدولة، ويُسيّر الأمور، لن يستطيع هذا دون تعاون النخب أو «الأفندية» معه. كثيراً ما قلت طيلة الشهور الفائتة إن القوات المسلحة حين تتحدث فى بياناتها عن الشعب، تقصد به: عموم الناس خارج التشكيلات الثورية والقوى الحزبية، وهذا يصلح بالقطع للجيش، الذى ينظر إلى القاعدة الشعبية العريضة باعتبارها حاضناً له، وهذه حقيقة، لكنه لا يصلح لمن ينتقل من موقعه كقائد عسكرى إلى رأس الحياة السياسية. على «السيسى»، إن حسم أمره نهائياً وترشح لانتخابات الرئاسة، أن يراجع هذين الأمرين، وإلا سيدفع ثمناً باهظاً. وفى النهاية، أتمنى لمن يختاره الشعب المصرى رئيساً، كل النجاح والتوفيق من أجل مصلحة مصر العريقة العظيمة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا يعرفه «السيسى» ما لا يعرفه «السيسى»



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon