توقيت القاهرة المحلي 16:22:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فساد المؤسسات الثقافية

  مصر اليوم -

فساد المؤسسات الثقافية

عمار علي حسن

قبل ثورة يناير كان هناك تقدير يبين أن نصيب المواطن المصرى من الثقافة لا يزيد على جنيه واحد فى السنة. إنه شىء مضحك حقاً، لكنه تحول بعد الثورة إلى قهقهة صاخبة، لأن أغلب من يديرون المؤسسات الثقافية الآن لا يعنيهم إلا أن يحافظوا على ما جنوه من مكاسب لأنفسهم، وليذهب البلد إلى الجحيم. يعلم القاصى والدانى أننا يجب أن نخوض معركة فكرية وثقافية هائلة ضد التطرف وانهيار القيم وتردى الأخلاق والأذواق، ومن دون ذلك لن يتقدم بلدنا فى أى مجال، لكن هل بوسع الموظفين البائسين وخدم السلطان الجائر وحملة المباخر والفاسدين ومن جعلوا من معارفهم قلائد زينة فى أعناق الطغاة والجباة والبغاة أن يقودوا هذه المؤسسات لخوض تلك المعركة؟ لا أعتقد أبداً، فمن أفسد ليس بوسعه الإصلاح، ومن شب على شىء شاب عليه. إن بلداً به مئات الآلاف من المبدعين فى مجال الآداب والمعارف العلمية والإنسانية يجب ألا تقود مؤسساته الثقافية حفنة ممن لا يخلصون لمستقبله ولا لسلامته العقلية والوجدانية، ويتواطأون، قصدوا أم لم يقصدوا، مع الساكتين والساكنين والجامدين والمتطرفين وحراس التخلف والرجعية ومن لا يجيدون العيش إلا فى العتمة الراكدة، ويجب ألا تمسك بدفة أبواب ونوافذ إنتاج الثقافة فيه مجموعة من الموظفين، الذين لا يعرفون إلا تسديد الخانات، حتى يضحكوا على من هم فى سدة الحكم، ويوهمونهم أن كل شىء يقف على قدم وساق، مثلما جرى فى حملات سابقة كانت تدار وفق نظرية نجيب الريحانى الشهيرة: «الشىء لزوم الشىء». إن ما يضنى حقاً أن يكون فى بلد، يعانى من مرض الأمية المزمن، أزمات متلاحقة فى توزيع الكتب، بينما تقف مكتبات قصور الثقافة والمدارس والجامعات مهجورة من القراء، فى وقت تجلس فيه الأغلبية الكاسحة من موظفى وزارة الثقافة ليروضوا الوقت وهم يتثاءبون، ولا تفعل وزارة التربية والتعليم شيئاً فى سبيل حض أولادنا، بل تحريضهم، على القراءة. ومن المحزن أن يتحدث العالم كله عن اقتصاديات المعرفة وتعزيز القوة الناعمة للدولة بينما تتحول الثقافة إلى عالة على الميزانية العامة، لأن القائمين على أغلب المؤسسات لا يحسنون إدارتها بحيث تدبر جزءاً، إن لم يكن كل مواردها، بل يتعاملون مع ما تخصصه الدولة لهم من أموال على أنها مجرد باب أجور للموظفين، وأعطيات للمتهافتين عليهم. إن هناك من تربى على أن وزارة الثقافة ليس مطلوباً منها إلا أن تكون حظيرة ذات جدران سميكة، أو تكية ذات طوابق كثيرة، من أجل تدجين المثقفين ودفعهم إلى ابتلاع ألسنتهم حتى لا يزعجوا السلطان وحاشيته، ومثل هؤلاء لن يصنعوا واقعاً مختلفاً، حتى لو كان يعقب ثورتين عظيمتين، بل إنهم يتسللون الآن فى نعومة ومكر ليقدموا أنفسهم للحكام الجدد، وفى أيديهم باب الحظيرة ومفتاح التكية، لأنهم لا يجيدون إلا هذه الطريقة فى التفكير والتدبير، والعيب ليس عليهم، إنما على ما يصبر عليهم أو يصدقهم أو يمنحهم فرصة للبقاء. لقد آن الأوان لثورة ثقافية منتظرة فى معركة مفروضة حتماً ضد التخلف والتطرف، وهذه الثورة لن يقودها أولئك الذين التوت مناقيرهم وارتخت مناشيرهم من كثرة النفاق والانتهازية والنهب والفساد والإفساد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فساد المؤسسات الثقافية فساد المؤسسات الثقافية



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon