عمار علي حسن
أعتقد أن هذا المشروع لو وجد طريقه إلى التنفيذ لما جرى كل هذا الاعتداء أو التعدى على الرقعة الزراعية الخصبة
أياً كان اسم الشخص الذى سيأتى رئيساً لمصر بعد شهرين تقريباً فإننى أطرح عليه هنا اقتراحاً بسيطاً، أو أولياً، يحتاج بالقطع إلى دراسة جدوى، أو تعميق وفق معطيات العلم وفحص القدرات والإمكانيات، من قِبل مختصين، يقوم على مطلب أفرط كثيرون فى الحديث عنه على مدار العقود الماضية ألا وهو: «ضرورة الخروج من الوادى الضيق إلى آفاق الصحراء الفسيحة».
وتنفيذ هذه الفكرة يحتاج إلى السير فى اتجاهين متكاملين ومتزامنين، وهما:
1 - أن تقوم القوات المسلحة بإنشاء ست مدن جديدة، أربع فى مقابل بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج، وخامسة بين الإسكندرية ومطروح، والأخيرة فى وسط سيناء. على أن تكون مدناً متكاملة تتوافر فيها فرص عمل حقيقية عبر حركة تصنيع واعدة، وكل الخدمات من مدارس ومستشفيات ومحلات كبرى لتوفير السلع التموينية وأماكن للترفيه، فى مقدمتها الأندية الاجتماعية. ويجب أن تكون المساكن فى هذه المدن متاحة أمام الشعب بأسعار تناسب إمكانياتهم، أو بسعر التكلفة، أو بهامش ربح محدد لا يرهقهم ويراكم مزيداً من الثروة فى جيوب المقاولين، حال دخول القطاع الخاص فى هذه العملية.
ويمكن للقوات المسلحة أن تعتمد فى هذا المشروع على سواعد الملايين من شبابنا ممن يتم منحهم تأجيلاً تلو آخر من أداء الخدمة العسكرية، على أن يجنّدوا فى برنامج للخدمة المدنية يستفيد من جهدهم، وفق تخصصاتهم التعليمية والحرف التى يجيدونها. وهذا التصور سيجيب عن كل أسئلة من يتحدثون عن أموال الجيش التى ثار حديث مستفيض حولها منذ انطلاق ثورة يناير وحتى هذه اللحظة. وقد بات الطريق مفتوحاً، إلى حد ما، أمام هذه العملية بعد تعبيد طريقين فى صحراء مصر الغربية والشرقية من القاهرة نحو عمق الصعيد.
2 - يتم توزيع المساحات الصالحة للزراعة بين هذه المدن على صغار المزارعين، وتساعدهم الدولة بتوفير تجهيزات للرى بالتنقيط، اعتماداً على المياه الجوفية التى تبين المسوح الجيولوجية توافرها، على أن يسددوها على أقساط بعد أن تغل الأرض محاصيلها، ويمكن أن تزرع هذه المساحات بالقمح، وبعض الخضراوات التى يمكن زراعتها فى أرض رملية وصفراء لتلبية احتياجات هذه المدن.
ويحضرنى فى هذا المقام أن أشير إلى مشروع سمعت عنه كان يتبناه المهندس حسب الله الكفراوى وهو نقل ألف قرية صغيرة بشكل كامل إلى قلب الصحراء، على أن تُقام لأهلها بيوت بديلة، يقطنون فيها تباعاً مثلما هو الحال فى قراهم الأصلية، حتى لا يفقد أحد جيرانه الذين ارتبط بهم، ثم توزع أرض زراعية عليهم، يشمرون عن سواعدهم لاستصلاحها.
وأعتقد أن هذا المشروع لو وجد طريقه إلى التنفيذ لما جرى كل هذا الاعتداء أو التعدى على الرقعة الزراعية الخصبة، التى راحت تفقد نحو أربعين ألف فدان سنوياً من أجود أراضيها، لحساب بناء بيوت لشباب القرى، لا سيما بعد أن أصبحت الزراعة عملية غير اقتصادية.
ما أطرحه هنا مجرد أفكار أولية، كما سبق أن ذكرت، إن كان لها جدوى، أو أى أثر فى الواقع، فأرجو أن تجد آذاناً مصغية، وأن نبدأ فيها، المهم أن نبدأ وننتهى منها وفق تراكم مواردنا وإمكانياتنا.
نقلاً عن "الوطن"