توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فريضة «حب الوطن»

  مصر اليوم -

فريضة «حب الوطن»

عمار علي حسن

كنت جالسا على المقهى حين جاءنى الأستاذ «جمال سيد»، المدرس، إخصائى مكتبة مدرسة «آمون الخاصة للغات» بالزمالك، وقال بصوت خفيض: «معى قصيدة شعر من تأليفى ألقتها تلميذة بالصف السادس الابتدائى بمدرستنا اسمها بسمة أحمد لطفى، وفازت بالمركز الأول على مستوى محافظة القاهرة فى إلقاء الشعر، خلال مسابقة نظمتها وزارة التربية والتعليم، حيث أبهرت الحاضرين بحضورها وإحساسها الذى يسبق عمرها، وعبرت عن حبها وانتمائها لمصر الغالية بمنتهى الصدق». هززت رأسى منصتا إليه، وقلت له: سأنشرها فى عمودى تحية لك ولتلميذتك. وفى اليوم التالى جاءنى بالقصيدة، وها هى: «لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ رغم الأحقاد/ رغم الأوغاد/ وستبقى أميرا للأوطان/ وستبقى دوما يا علمى/ تختال على أعلى القمم/ تزهو بثلاثة ألوان/ لون أسمر كالنيل/ كطمى الغيطان/ لون أحمر رمز الثورة عالطغيان/ لون أبيض قلب ينبض فى الوجدان/ لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ لن تركع يوما يا وطنى إلا فى صلاة/ لن تخضع فى ظل المحن إلا لله/ بالعزة تحيا قنديلا فى كل زمان، لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ مصر تناديكم أحبابى/ مدوا أيديكم وخذونى/ ما أصعب أن ألقى عذابى/ من كبدى من نور عيونى/ مصر أتنفس من عشقك/ وغرامك يسكن أوردتى/ نبضات القلب هى نبضك/ وحروفك تغزل أنسجتى/ شريانك يسقى شريانى/ لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان». قرأت القصيدة واستعدت ذكريات تملأ رأسى أحيانا عن صفوفنا المنتظمة وهاماتنا المرفوعة، ونحن نطلق فى فراغ الهواء البارد دفء نشيد «بلادى.. بلادى» فى طابور الصباح، بينما يقف ناظر مدرسة قرية الإسماعيلية مركز المنيا محافظة المنيا، الأستاذ «بهاء محمد» شامخا كنخلة نبيلة، على شفتيه صرامة، وفى عينيه ألق، ونكاد رغم صياحنا نسمع نبض قلبه المرتجف. كنا فى الصف الأول الابتدائى، وفى ثانى يوم دراسى لنا اندلعت حرب أكتوبر فمكثنا فى البيوت مدة، وعدنا لنجد الأستاذ بهاء يقف فى الطابور، ومعه ورقة تحوى مقطوعة قصيرة قام هو بتأليفها، رغم أنه ليس بشاعر، وطلب منا أن نرددها خلفه قبيل تحية العلم، وكانت تقول: «أيها العلم المصرى/ دمت خفاقا على أرضنا الخضراء/ رفعك جنودنا فى سيناء/ وضحى من أجلك رجال أوفياء/ فلك التحية ومنا الفداء/ حيوا معى هذا العلم/ تحيا جمهورية مصر العربية.. ويكرر التحية ثلاث مرات». إنه حب الوطن الذى يجرى فى عروق الناس ولا يبحثون لهذا عن سبب، بعضهم يخون فيفقد هذه المشاعر النبيلة، حين يعتبر هذه الأرض مجرد سكن وليست وطنا، بفعل أفكار خاطئة تعشش فى رأسه أو من أجل حفنة من مال، وبعضهم يتململ أحيانا، لكن حين تأتى الشدة ينسى تململه ويذود عن بلده بكل غبطة وامتنان، وبعضهم يردد مع الشاعر: «بلاد ألفناها على كل حال/ وقد يؤلف الشىء الذى ليس بالحسن/ وتستعذب الأرض التى لا ماء فيها ولا هواء/ لكنها وطن»، لكن الأغلبية الكاسحة تؤمن بأن الأرض التى دبت عليها، وأكلت من زرعها، وشربت من مائها، وتعلمت من تاريخها وحضارتها العريقة، وعاشرت ناسها، وعشقت فيها نصفها الآخر، فتاة كانت أو فتى، وصنعت فى ركابها كل الذكريات أو أغلبها أو أيامها الحلوة، جديرة بأن تحب بذاتها ولذاتها، لكن لا ضير أن نعمق هذا الحب بشعور الناس بالعدل، وتحقيق الكفاية، والشراكة فى صناعة المستقبل، ونيل الحقوق، فلا ظلم ولا قهر، وأداء كل الواجبات من دون إبطاء ولا تقصير. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريضة «حب الوطن» فريضة «حب الوطن»



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon