توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محسن شعلان

  مصر اليوم -

محسن شعلان

مصطفى الفقي

رحل الرجل عن عالمنا مظلوماً بكل المعايير، فهو فنان تشكيلى مرموق، قذفت به الظروف لكى يتولى منصب رئيس قطاع الفنون التشكيلية فى وزارة الثقافة المصرية، وهو القطاع المسؤول عن المتاحف الفنية وغيرها من ناتج الإبداع المعاصر، وشاء حظه العاثر أن تختفى لوحة «زهرة الخشخاش» الشهيرة من «متحف الفن التشكيلى»ـ وهى لوحة نادرة ذات قيمة كبيرة، ثار حولها لغط من قبل عندما جرى استردادها بعد اختفاءٍ سابق! ـ فوجد الرجل نفسه بين يوم وليلة، وقد تعلق الجرس برقبته لأننا دائماً نبحث عن كبش الفداء أو الضحية التى تحمل وزر ما جرى ثم يطويها النسيان، إلا أنه فى حالة الفنان «محسن شعلان» فإن الأمر يختلف أيضاً لأنه ليس حارساً مباشراً لكل لوحة، كما أن مسؤولية المتبوع عن تابعه لا تنطبق بدقة فى مثل هذه الحالات، فقد جرى اتهام الرجل بأنه لم يوفر «كاميرات» الحراسة اللازمة للمتحف الذى جرت فيه السرقة رغم أنه أثبت تقدمه أكثر من مرة طالبًا تعزيزاً خاصاً لبند حراسة ذلك المتحف، ولقد أمضى الرجل عاماً فى السجن وهو يشعر بأنه مظلوم، وما أدراك ما الشعور بالظلم حين يجتاح النفس البريئة ويحطم القلب المكلوم، وخرج منه ليقيم معرضاً يعبر فيه عن حزنه الدفين ولوعته الكامنة بحس الفنان وشفافية من تجرع كأس الظلم، وتعود بى الذاكرة إلى اجتماع المجلس الأعلى للثقافة عام 2010 الذى كان هو فيه عضواً بحكم منصبه، وكنت مرشحاً لأكبر جائزة فى الدولة وهى «النيل» حالياً، وبينما نحن فى الجلسة قبل التصويت والقلق يعترينى شأن غيرى ممن ينتظرون التصويت حول أسمائهم، وجدت الرجل قد رسم لى على صفحة بيضاء «اسكتش» سريع «بورتريه» بملامح القلق على وجهى فى براعة فنان رفيع الشأن وشكرته يومها، وخرجت من القاعة انتظاراً لنتيجة التصويت على تلك الجائزة العليا، ولكننى فضلت العودة إلى المنزل مباشرةً دون الانتظار فى صالون المجلس، وبينما أنا أعبر «نفق الأزهر» اتصل بى صديقى الدكتور «زاهى حواس» ليبلغنى ـ بمداعبته المعهودة ومقالبه اللطيفة ـ أننى قد خسرت الجائزة، ولكن بعدها بدقائق اتصل بى صديقى الدكتور «على الدين هلال» وتبعه عشرات آخرون يهنئوننى بحصولى عليها بنسبة عالية من الأصوات فى الجولة الثانية، فاتصلت بالفنان الراحل «محسن شعلان» وشكرته على رسمه لى، وقلت له إننى سوف أحتفظ بصورتى التى رسمها لدىّ، ومازالت محفوظة تحت زجاج مكتبى فى المنزل حتى اليوم، وكلما نظرت إليها كنت أتذكر «محسن شعلان» وما جرى له إلى أن نعاه الناعى ذات يوم فقلت فى نفسى (اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) لأن الرجل رحل قبل أن يبرئ ساحته، وصعدت روحه تشكو إلى بارئها معاناته فى سنوات عمره الأخيرة، وأشهد هنا أن وزير الثقافة الدكتور «محمد صابر عرب» قد حاول أن يعيد للرجل حقه، وقال فى أكثر من حديث صحفى إنه لا يدين الفنان «محسن شعلان» لأن عنصر الإرادة غير متوفر فيما نسب إليه من جريمة. إن رحيل «محسن شعلان» بعد المعاناة التى لحقت به هى نموذجٌ لانعدام قدرتنا على تحديد المسؤول الحقيقى عن الخطأ، وهذه الواقعة تذكرنى بما جرى لصديقنا الدكتور «مصطفى علوى» عندما كان رئيساً للثقافة الجماهيرية وحدث حريق كبير لمسرح أثناء العرض فيما نسميه «محرقة بنى سويف»، لذلك فإننى أنبه إلى ضرورة تحديد المسؤوليات المباشرة قبل الدخول فى مثل هذه الأحكام المسبقة والاتهامات المتسرعة حتى لا نفقد عزيزاً جديداً نتيجة القهر والإحساس بالظلم.. رحم الله «محسن شعلان» فناناً وإنساناً ومظلوماً! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محسن شعلان محسن شعلان



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon