توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جامعة المشير» (2 - 2)

  مصر اليوم -

«جامعة المشير» 2  2

عمار علي حسن

يقوم معمار رواية «جامعة المشير.. مائة عام من الفوضى» لانتصار عبدالمنعم على عمودين، كل منهما يحمل لحظة زمنية فى مقابلة أخرى، الأولى وقت انطلاق ثورة يناير وأيام موجتها الأولى، وما حفلت به من تصرفات وتضحيات وشعارات وهتافات وشخصيات برزت على السطح، والثانية بعد مائة عام من الآن، يتوالى على حكم مصر فيها خمسة من جنرالات الجيش بعد زمن من حكم الإخوان، حيث تتبدل الأحوال تماماً، فلا يعد الناس يتكلمون اللغة العربية، ويخفى الناس قراءتهم للقرآن والإنجيل ويجهرون فقط بقراءة التوراة، ويختفى الكتاب الورقى ويحل مكانه الإلكترونى، وتتحول «محطة الرمل» الشهيرة بالإسكندرية، حيث تدور أحداث الرواية، إلى «بلازا المعبد المقدس»، وتنتهى «جماعة الإخوان» إلى أن تكون «شبيبة مواطنى الكابلاه»، وتصبح ساحة مسجد «القائد إبراهيم» أحد أماكن انطلاق الثورة المصرية مهملة، ويختفى الترام بعد أن تغطى شبكة المترو كل أنحاء الجمهورية الجديدة، وتختفى أقسام الشرطة لأن الخلايا الإلكترونية تراقب كل ما يجرى عبر شاشات متطورة، وتمنع السلطة المواطنين من استخدام مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» و«تويتر»، ولا يعد الناس يعرفون كلمات من قبيل «ثورة» و«مظاهرة» و«حرية»، بعد أن تتحكم السلطة فى كل شىء عبر إمكانات إلكترونية فائقة تعرف حتى ما يفكر فيه الناس وما يأملونه، و«حتى لهاث المضاجعة لا يغيب عن الرصد»، وكل من يخالف التعليمات يُذاب فى الحامض، وفى المقابل تتكفل الدولة بتوفير احتياجات الناس، وتحدد لكل واحد منهم دوره الاجتماعى بصرامة، بعد أن يمر بدورة تنشئة فى طفولته تصنع منه عبداً خانعاً، وتؤهله لوضع اجتماعى يقسم المواطنين إلى «أشكناز» و«سفارديم»، مثلما هو حاصل فى إسرائيل حالياً. ويصل بين هذين الزمنين جسران، ابتكرتهما الكاتبة، كحيلة فنية تجعل المستقبل المتخيل يعانق الواقع المعيش بلا عنت ولا عناء، الأول يتمثل فى رسائل كتبتها سيدة إلى ابنها الذى تاه منها لحظة انطلاق الثورة، ظلت تلك الرسائل مخبّأة إلى أن وجدها شاب بعد مائة سنة، هو طالب فى «جامعة المشير» فيطلع عليها زملاءه سراً، فيعرفون كل شىء عن الثورة. والثانى هو أن هؤلاء الطلاب يحملون أسماء ثوار زماننا هذا وكذلك أبرز مفكريه وعلمائه، فنجد منهم «شهدى عطية» و«نجيب سرور» و«جمال حمدان» و«عماد عفت» و«أحمد بسيونى» و«مصطفى مشرفة» و«سميرة موسى» و«أم كلثوم»، وكل منهم يؤدى الدور نفسه الذى كان يؤديه شبيهه فى زماننا. وكأن مصر فى هذا المستقبل البعيد نسبياً تستعيد نفسها وتستعد لعمل آخر كبير وتاريخى وملحمى، وهو ما يحدث بالفعل حين تنتهى الرواية بثورة جائحة، تحرر الوطن من الاحتلال، رافعة شعارات ثورة يناير نفسها: «حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية». وتدخل المؤلفة، لتكون إحدى شخصيات الرواية، مرة بطريقة متوارية حين تسرد ما عاشته بنفسها أيام الثورة الأولى ومع جهاز أمن الدولة الذى استدعاها ليعرف تفاصيل أخرى عن كتاب «حكايتى مع الإخوان» الذى سردت فيه تجربتها مع هذه الجماعة التى كانت تنتمى إليها ثم خرجت منها قبل الثورة، ومرة بطريقة مباشرة حين يظهر اسم «انتصار» كإحدى شخصيات الرواية، وصديقة طلاب جامعة المشير، بعد تمهيد وتبرير يقول نصاً: «من قال بنظرية موت المؤلف؟ نعم إنه رولان بارت، وطالما حكم الرجل علىّ بالموت بعد أن أنتهى من كتابتى لهذه الرواية، فقد قررت أن أمارس ديكتاتورية مطلقة، وأتدخل مرة أخرى فى السرد، قبل أن ينتهى، وأفقد معه حياتى». وتدخل «انتصار» بالفعل فى السرد، لتكتب تجربتها مع ثورة يناير، وتطرح نبوءة نتمنى ألا تتحقق أبداً. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جامعة المشير» 2  2 «جامعة المشير» 2  2



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon