عمار علي حسن
فى المقال السابق ذكرت خمس قيم عامة تحدد اختيار المصريين لرئيسهم المقبل فى الانتخابات المقرر إجراؤها بعد سبعة أسابيع، وهنا أكمل:
6- الحماسة: حول كل مرشح هناك مجموعات من المتحمسين، يتفاوتون من واحد إلى آخر، وهؤلاء يلعبون دوراً كبيراً فى خطف أصوات، أو الدفاع عن مواقف المرشحين أثناء التصويت والفرز، وبالتالى فلهم دور كبير فى مساعدة مرشح على الفوز فى خاتمة المطاف.
7- التزييف: التزوير بشكله التقليدى القائم على استبدال الصناديق، وتسويد بطاقات فارغة، وعدم دقة الكشوف الانتخابية، وتصويت الموتى، ومنع ناخبين من الوصول إلى اللجان بيد بلطجية، قد ولّى إلى حد كبير، لكن سيحل محله تزييف الإرادة بالإفراط فى استخدام الدعاية السياسية وربما الدينية، وتوظيف المال السياسى، وكسر القواعد التى تحكم العملية الانتخابية، والقيام بأفعال غير أخلاقية من أجل خطف الأصوات بأى طريقة، وأى ثمن.
8- الاستلاب: هناك ملايين الناخبين باتوا مستلَبين بغير وعى حيال الدعاية السوداء التى أُطلقت ضد الثورة والثوار، وهى ترقى إلى مستوى الحرب النفسية، التى تصل إلى النجاح التام حين يقوم الخصم باتخاذ القرار الذى يحقق مصلحة من يشنها. وعلى مدار ثلاث سنوات تم تنفيذ خطة محكمة لفصل الطليعة الثورية عن القاعدة الشعبية. وقد قامت هذه الحرب على أساس تحذير الناس وتخويفهم من الاضطراب وتفكك الدولة وتفشى الجرائم وتهديد المصالح المباشرة، وذلك حتى ينحازوا فى النهاية إلى من يعتقدون أن لديه القدرة على استعادة الأمن فى وقت قصير، ويصبح هذا هو المحدد الرئيسى لاختيارهم فى الانتخابات. وبالطبع فإن تهديد الأمن القومى المصرى إلى جانب الإرهاب مسألة واقعية لا شك فيها، لكن المشكلة فى توظيف هذا بشكل مبالغ فيه فى الانتخابات الرئاسية.
9- الطموح: لا شك أن هذه القيمة تراود كل المرشحين بلا استثناء، سواء الاثنان اللذان نزلا السباق بالفعل أو المحتمل نزولهم فى الأيام المقبلة. وهناك من الناخبين من يعى جيداً الفروق الجوهرية بين هذه الألوان من الطموح، وعلى أساسها سيحدد إلى من سيذهب صوته. فى المقابل فإن الطموح شكّل مادة قوية لدفع المرشحين أنفسهم، ومن يقف خلفهم، إلى بذل كل جهد مستطاع فى سبيل الوصول إلى الرئاسة، وهى مسألة لمسناها جيداً أثناء مرحلة الدعاية فى الانتخابات الرئاسية السابقة، إلى درجة أدهشت كثيرين وجعلتهم يتساءلون عن مصدر الطاقة الجبارة التى تحرك المرشحين أو يتحركون بها بين جمهور الناخبين.
10- المفاضلة: فهناك اقتناع لدى كثيرين بأن المتصدرين للمشهد الانتخابى قد لا يكونون الأفضل من بين الشخصيات المصرية العامة، لكنهم هم الذين أخذوا القرار وتقدموا للسباق، بينما بقى بعيداً من تعفف أو تهيب أو رفض المزاحمة. ومع هذا فالناس ليس أمامهم سوى الاختيار من بين النازلين إلى السباق، وسيرتبونهم فى أذهانهم وفق معايير عديدة، ثم يصوتون لصالح من يحظى بقبولهم. لكن ليس كل المنتخبين يفاضلون بين المرشحين وفق معايير منطقية، بل يغلب على كثيرين الاختيار العشوائى لعوامل عدة معقدة يمكن أن نبحث عنها فى الدراسة المتأنية لنفسية الجماهير، وتصرفات الحشد.
"الوطن"