توقيت القاهرة المحلي 11:38:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضابط شرطة نموذجى

  مصر اليوم -

ضابط شرطة نموذجى

عمار علي حسن

وسط ضباط شرطة لا يزالون منحازين إلى ممارسة البطش والتغطرس والاستعلاء الفارغ واستمراء التصرّف خارج القانون أو وفق قواعد الغاب، هناك نماذج مختلفة، وعلى النقيض من هذا، إما أنها كانت كذلك قبل ثورة يناير، أو تعلمت درساً بليغاً مما جرى، ألا وهو: الانحياز إلى الناس واحترام القانون هو الأبقى من الاعتقاد الزائف بأن الضابط هو مجرد خادم للسلطة، حتى لو توحشت وتمادت فى استبدادها وفسادها. وابتداءً فإننى كنت دوماً، حتى أيام «مبارك»، أفرق بين الشق القمعى من جهاز الشرطة والشق الخدمى الذى يرعى المصالح المدنية والاجتماعية أو يقوم على تحسين مستوى الأمن العام وحفظ أرواح الناس وأموالهم، وكنت أقول إن المشكلة مع القامعين، لا سيما ممن انحرفوا فى جهاز «أمن الدولة» عن كونهم جامعى معلومات ومكافحى تجسس وإرهاب، لا غنى لأى دولة عنهم، إلى أن صاروا جلادين ومعذِّبين، وكذلك من انحرفوا فى جهاز المباحث الجنائية الذين بلغ بعضهم مستوى مثيراً للاشمئزاز والحنق فى تعاملهم مع الناس. وكنت أقول أيضاً: ليس كل من فى المباحث وجهاز أمن الدولة أشراراً، فهناك أقلية ملتزمة بأخلاقيات الدور أو المهنة، وفى المقابل ليس كل من فى جهاز الشرطة الخدمى والحمائى أخياراً، ففيهم أيضاً بعض الفاسدين والمتغطرسين. قبل ثورة يناير كنا نقابل هذا الاستثناء، لا سيما من بين كبار الرتب الشرطية، الذين عرّكتهم الخبرة وعلمتهم التجارب، لكنهم قلة، وكثيرون منهم كانوا مهمشين فى ظل انحراف العقيدة الأمنية لجهاز الشرطة، وبعد الثورة زاد هذا العدد، بعد أن عرف كثيرون أن القوى فى هذا البلد ليس حاكمه مهما أوتى من أدوات القمع إنما الشعب العريق، صاحب الشرعية، ومصدر كل السلطات، والمعلم والقائد. وقبل أيام رأيت واحداً من هذه النماذج الشرطية المشرّفة، بل لا أبالغ إن قلت إنه من أفضل الضباط قاطبة فى تقديم الخدمة للمواطنين من دون تذمر ولا تضجر ولا إدبار أو تجهم، إنه «العقيد هشام فهيم» فى «إدارة وثائق السفر» الذى دخلت مكتبه لأجدد جواز سفرى، وجلست وقتاً دون أن يرانى، أراقبه وهو يعمل بإخلاص وتفانٍ وصبر وتحمل شديدين فى خدمة الناس، على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم وأعمارهم ومشاربهم وأهوائهم، لا يترك لأحدهم سؤالاً بلا إجابة، ولا استفساراً بلا شرح وتوضيح، تصاحبه ابتسامة مشرقة وصوت مضبوط على إيقاع ينم عن احترامه كل الواردين إليه، والمتزاحمين عليه، بلا انقطاع، فيما يتملكه حرص شديد على ألا يخرج أحد من عنده غاضباً وحانقاً أو لديه شعور بأن ما طُلب منه أن يستوفيه من أوراق هو إجراء قسرى لتعويقه أو تعذيبه إنما هى الضرورة والقواعد القانونية التى لا سبيل إلى تجاوزها أبداً، فيذهب الناس راضين، بعد أن أدركوا أن الرجل الذى يبتسم أمامهم ويكلمهم بلهجة مفعمة بالتقدير والاحترام، صارم فى تطبيق القانون، وحريص على ما للدولة من حقوق مالية فى مثل هذا النوع من المعاملات. وفى ركاب هذا وجدته يفعل ما فى وسعه فى سبيل تذليل أى عقبات عبر إيجاد البدائل والخيارات واختصار الطرق فى ضوء روح القانون، وهو فى كل هذا يدير أزمات لا تنتهى، فكل مواطن يأتى إليه لديه أزمة وهو يشاركه فى إدارتها، ويحل -كذلك- مشكلات لا تتوقف عن التوالد، فى ظل قوانين وتشريعات لا تزال تنتصر للتحكم البيروقراطى والصرامة الأمنية على حساب الوقت والرضاء الاجتماعى. لقد بلغ بى الإعجاب بأداء «العقيد هشام فهيم» فى خدمة الناس واحترام وقتهم ومصالحهم وقبل هذا إنسانيتهم إلى درجة أننى تمنيت أن تتاح له فرصة تدريب زملائه على كيفية التعامل مع الناس بروح طيبة، وإعطائهم دروساً فى العلاقات العامة وإدارة الأزمات وتطبيق القانون نصاً وروحاً، والأداء الاحترافى المبهر طوال وقت العمل بلا كلل ولا ملل، والإيمان الكامل بأن ضابط الشرطة هو رجل قانون، وليس جلاداً أو بلطجياً. "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضابط شرطة نموذجى ضابط شرطة نموذجى



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon