توقيت القاهرة المحلي 11:38:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرنسا تنتظر ثورة

  مصر اليوم -

فرنسا تنتظر ثورة

عمار علي حسن

الفرنسيون ينتظرون ثورة الآن.. هكذا قالتها لى وهى تضغط على الحروف بثقة متناهية. هى طالبة دراسات عليا فى السوربون، تعد أطروحة للماجستير عن «دور المثقفين والأكاديميين فى الثورة المصرية»، ولهذا طلبت لقائى، كواحد من عينة اختارتها لإجراء مقابلات معمقة معها. ورحت أتابعها، بينما عيناى تراقبان الفرنسيين وهم ينهبون الشوارع عند الظهيرة، وكثيرون منهم يجلسون على مقاه ومطاعم تتعب فى عدها خلف شارع «الشانزليزيه»، ليلتهموا شيئا يملأ بطونهم، ويحتسوا ما ينبههم، أو يهدئ أعصابهم فى فترة الراحة بين عمل يومى يمتد إلى سبع ساعات. ما تستند إليه باحثة السوربون فى كلامها أن معدل البطالة مرتفع بين الشباب، والفساد تتسع رقعته ماليا وإداريا وسياسيا، والثقة فى السياسيين تتراجع، والناس لا يجدون فرقا حقيقيا بين اليمين واليسار، ونسبة كبيرة من الفتية والفتيات يميلون إلى الفكر الأناركى الذى يسعى إلى إنهاء سلطة الدولة أو تسلطها، والاتجاهات الشيوعية كذلك التى تميل كل الميل إلى إعادة توزيع الثروة، وكثير منهم لا يعلق آمالا على الأحزاب السياسية، ويعزفون عن المشاركة فى الانتخابات. وتستند فى كلامها إلى أن عددا من أساتذتها أبدوا إعجابهم بما فعله الشباب المصرى، وتوقعوا أن يغضب شبان فرنسا فى يوم ليس بالبعيد على غرار ما فعلوه عام 1968، ويعطون مؤشرا على هذا بزيادة متدرجة فى نسبة ما يحصل عليه اليمين المتطرف فى الانتخابات البرلمانية المتتابعة، وهو من دون شك تصويت عقابى للأحزاب الرئيسة. الغريب فى هذا الكلام هو فقدان قطاع من الجيل الجديد فى فرنسا لآليات الديمقراطية، ومنها «صندوق الانتخاب» الذى رأى باحثون غربيون كثيرون أنه أصبح بديلا عن الثورات، إذ إن الشعب لا يحتاج إلى أن ينزل الشوارع بالملايين لإسقاط الحكومة إنما يصل إلى هذا من خلال الوقوف فى طوابير الانتخاب، وتلقينها درسا بليغا. لكن شباب فرنسا، يتعاملون مع هذا الصندوق على أنه مسألة شكلية. «ليس الأمر على هذا النحو بالضبط، هناك غضب وغبن من أشياء كثيرة لكن الدولة لا تزال توفر خدمات وتأمينات جيدة للمواطنين تحقق قدرا معقولا من الرضاء، ولهذا يمكن أن نتوقع مظاهرات أو احتجاجات هنا وهنا، لن تصل إلى حد الثورة».. هذا ما قاله لى عمر حشيش وهو مهندس مصرى نابه يعيش فى باريس منذ أكثر من ربع قرن، مقللا من أهمية غضب الشباب، لأن أغلبية الشعب الفرنسى أعمارهم متوسطة، ومن بين هؤلاء، إلى جانب كبار السن، من يحرصون على المشاركة فى الانتخابات، ولا يميلون إلى تغييرات فجائية، تعيد إلى أذهانهم ما جرى فى 1968 أو ما قرأوه عن الثورة الفرنسية. ومع هذا ينقل حشيش عن ضابط فرنسى قوله وهو يقف فى الشارع لحماية مظاهرة نظمها الأوكرانيون فى باريس: «ما حدث فى العالم العربى قد يمتد إلى أوروبا الغربية، ولن يقتصر الأمر على أوكرانيا فقط.. إنها السياسات الأمريكية الرامية إلى إعادة هيكلة العالم بأسره بما يجعل الولايات المتحدة مستمرة على القمة». هذا ما يفكر فيه رجل أمن فرنسى، وربما لا يكون ما قاله نابعا من رأسه بقدر ما هو ناجم عن معلومات لدى الجهاز الذى يعمل فيه. ورغم تذمر الفرنسيين من الجاليات الأجنبية العريضة فى بلادهم- عرب وأفارقة وأوروبيون شرقيون وآسيويون ولاتينيون، إلا أن خوفهم من الفوضى التى يمكن أن يحدثها هؤلاء، وهم فوق العشرة ملايين، يجعل رجال فرنسا ونساءها يفكرون ألف مرة قبل النزول إلى الشوارع فى احتجاجات عريضة، لكن الشباب، لاسيما الأناركيين والشيوعيين، لا يحسبونها أبدا، بل إن انهيار السلطة هو جزء مما يؤمنون به، ولذا قد يطلقون ضربة البداية فى أى لحظة، إن لم يحدث شىء فارق يغير هذا الاتجاه تماما. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تنتظر ثورة فرنسا تنتظر ثورة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon