توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معاركنا الفكرية (2 -2)

  مصر اليوم -

معاركنا الفكرية 2 2

عمار علي حسن

طرحت فى مقالى السابق أربع نتائج للمعارك الفكرية التى أدارها المفكرون والمثقفون المصريون على مدار القرن العشرين، وهنا أكمل: 5 - من الضرورى أن يثق المتدينون فى عقيدتهم، ويؤمنون بأنها أقوى دوماً من أن ينال منها رأى، أو يهدمها فكر، ولقد برهنت مسيرة الحياة أن الإسلام لم تضره السهام التى رمى بها، بل زادته منعة وقوة، لأنه ينطوى على بساطة فى العقيدة تتأسس على الإيمان بوحدانية الله، وكمال صفاته الحسنى، والعلاقة المباشرة بين الإنسان وربه، وعدم إغفال النية، مع ترك الحكم عليها لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ومسئولية الإنسان عن أفعاله، إذ «لا تزر وازرة وزر أخرى»، علاوة على مواكبة قواعد وأحكام الإسلام للفطرة الإنسانية. كما بان برهان على أن الإلحاد غباء، منذ أن قدم العلم حججاً عقلية تجريبية لما جاءت به الأديان السماوية فى خلق الكون، بعد أن أثبتت النظريات التى تلت «نسبية أينشتاين» أن للكون عمراً، أى أنه مخلوق، وليس أبدياً، كما كان يدعى الملحدون، ومن ثم فإن القابضين على دينهم، المؤمنين بربهم، عليهم أن يتساموا فى مواجهة أى رأى، يرون فيه شبهة تجديف بالدين، ويتصرفون من منطلق أن ما هم عليه أقوى من أن تهزه سطور عارية فى رواية أو قصيدة، أو أفكار خارجة بين دفتى كتاب، أو أى عمل ثقافى آخر، وعليهم فقط أن يبحثوا فى الدين عما يدحض ما يطرحه مخالفوهم فى الرؤية والتصور الإيمانى، وأن يطلبوا من الله لهم الهداية، من دون أن يتحول المؤمنون إلى قائمين مقام الله سبحانه وتعالى فى الحكم على نوايا عباده، ومحاسبتهم عما يدور فى طويتهم. 6 - إن إحالة الخلافات الفكرية والفقهية إلى ساحات القضاء هو العجز بعينه، ففى أغلب الأوقات لم يكن القضاء مؤهلاً للنظر فى مثل هذه القضايا، فجاءت الأحكام قاصرة مبتسرة، تنطوى على جهل بمعنى ومبنى الأفكار محل الخلاف، وفى أوقات أخرى لم يكن القضاء بعيداً عن الضغوط السياسية والاجتماعية فى فضه لهذا النوع من المنازعات، فجاءت أحكامه جائرة، والأفضل أن يتم تكوين لجان محايدة، يتم اختيار أعضائها حسب كل قضية، تدرس الأفكار التى تثير جدلاً، وتدلى برأى شامل فيها، ينهى التنازع، ويريح النفوس، ويجلى العقول التى تستغلق أحياناً أمام الفهم، وتنقاد لطيش أعمى. 7 - إن بعض المعارك الفكرية قامت نظراً لجمود الفقه الإسلامى، والوقوف عند ما أنتجه الرعيل الأول من العلماء والاكتفاء به، من جهة، والخلط بين «الإلهى» و«البشرى» من جهة ثانية، وقد آن الأوان لفقه جديد، وللتفريق بين الإلهى والبشرى فى النصوص، فلا قدسية إلا للقرآن الكريم والأحاديث القدسية وما ثبت صحته من الأحاديث النبوية بعد قياسها على المبادئ والأحكام التى جاءت فى النص الأول والمؤسس وهو القرآن، وعلى المقاصد العامة للشرع الإسلامى، أما الاجتهادات التى أنتجتها حركة الفقه منذ صدر الإسلام وحتى اللحظة الراهنة، فهى عمل بشرى، بعضه لا يصلح مطلقاً لزماننا، ولا يجب أن يحاط بهالة مقدسة، ولا يتمتع منتجوه بعصمة، ولا يكتسب أهميته إلا من زاوية أنه جزء من تاريخ الفقه، وفى بعضه ما يرشد إلى فهم قضايا دينية معينة، من دون أن ينسحب هذا على جميع الفقه وكل القضايا. 8 - من الخطر أن تتم تعبئة العوام خلال المعارك الفكرية، أو استغلالهم فى ترجيح رأى على آخر، أو إرهاب صاحب فكر، فهذه القضايا تكون من التعقيد بما لا يمكن لعامة الناس أن يحيطوا بها كاملة، ومن ثم فإن إشراكهم فى المعركة، يزيد الأمور حرجاً، ويسوق أهل الرأى فى اتجاه ترضية الناس وكسبهم، وليس فى طريق الانتصار للحق والحقيقة، ولأن رأى العوام يميل دوماً إلى المحافظة، وينزع إلى التمسك بما هو سائد، فإن فرص إحداث تراكم معرفى أو تقدم فكرى تتضاءل، فى الوقت نفسه فليس المطلوب من أصحاب الرأى، أياً كانت مواقفهم وتصوراتهم، أن يصدموا الناس فيما يعتقدون، ففى هذا اعتداء على حريتهم، وإضرار بسلامتهم النفسية. نقلًا عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاركنا الفكرية 2 2 معاركنا الفكرية 2 2



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon