توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روح مصر"3-3"

  مصر اليوم -

روح مصر33

عمار علي حسن

أما هجرة المصريين إلى الخارج بأعداد غزيرة، فهى ظاهرة جديدة على أرض الكنانة، التى اعتادت طيلة عمرها المديد أن تستقبل الوافدين والمهاجرين إليها، وتصبغهم بصبغتها، وتمنحهم روحها، فيصيروا منها، مهما كان عددهم، أو كانت جذورهم الثقافية والدينية والاجتماعية. لكن ابتداء من سبعينات القرن العشرين بدأ المصريون أنفسهم يهاجرون سعياً وراء الرزق، إلى بلاد الخليج العربى التى ظهر فيها النفط بغزارة، وإلى الدول الغربية من أجل التعليم والعمل والحماية. وتشرّب هؤلاء فى الغربة ثقافة البلاد التى ذهبوا إليها، ولأن غربتهم قد طالت، فإن هذا التشرُّب كان عميقاً وشاملاً، وحين عادوا كانوا يحملون بين جوانحهم ما قد يجافى أو حتى يتصادم مع الثقافة المصرية العريقة والمتوارثة، وبدأوا يدافعون عما حملوه وكأنه يشكل ثقافتهم الأصيلة. ومثل هذا التطور خدش روح الثقافة المتماسكة التى احتفظ بها المجتمع المصرى دوماً.وجاءت معاهدة السلام التى أبرمتها الحكومة المصرية مع الحكومة الإسرائيلية عام 1973 لتضع حداً، ولو مؤقتاً، للثقافة الاجتماعية التى كانت سائدة أيام الحروب التى خاضتها مصر سواء مع إسرائيل أو أيام النضال المدنى والمسلح ضد الاحتلال البريطانى، ونزولاً إلى بقية المعارك التى دخلتها مصر، صغيرة كانت أو كبيرة. ولا يعنى هذا أن أوقات السلام تأتى بالضرورة على الروح الإيجابية التى تسود الأمم أيام القتال، لو كان سلاماً يقوم على «توازن القوى» ويدرك من يعيشون فيه أن احتمال نشوب الحرب قائم دوماً. أما تحول السلام إلى استرخاء شديد ينال، بلا ريب، من روح الصمود، ويجرح سمة التماسك والتوحد. وبالطبع فإن المصريين جميعاً لم يصابوا بهذا الداء، فطيلة العقود الثلاثة التى أعقبت كامب ديفيد وهناك قطاعات عريضة بين النخب والعوام تتحدث عن امتعاضها من هذه المعاهدة، ويطالب البعض بالاستفتاء الشعبى عليها، بعد أن تمت من وراء ظهر الناس، ويعتقد كل المصريين ويؤمنون أن عدوهم الأول هو «إسرائيل»، وهذا طبيعى لبلد لا يخلو بيت واحد فيه من شهيد أو فقيد جرّاء صراعه ضد الكيان الصهيونى الغاصب.وفى الختام فمن المعروف أن مصر تستعيد روحها فى سرعة خاطفة، ولديها من ركائز القوة الكامنة ما يجعلها تتجاوز محنها، وترمم شروخها، وترتق خروقها، وتعود إلى سماتها وخصائصها الحضارية، وهذه مسألة يدركها أعداؤها قبل أصدقائها. ولعل ما جرى فى ثورة يناير من توحد فى الأيام الأولى، قبــل أن يدخل تيار «الإسلام السياسى» ويقسم الصف، ويحوّل الثورة إلى فرصة للقفز على السلطة، يقدم دليلاً ناصعاً على هذا. كما أن ما جرى فى ثورة 30 يونيو حيث نزلت الملايين فى كل مكان على أرض مصر، حين شعروا أن الدولة تتعرض لخطر داهم، وأن هناك من يسعى إلى أن يمزق الروح المصرية، أو يسخر منها، ويفكك الدولة لحساب تنظيم بائس، لم تختمر ولم تستقر فى رأسه فكرة «الوطنية» حتى هذه اللحظة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح مصر33 روح مصر33



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon