توقيت القاهرة المحلي 12:34:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفكر الإسلامى والعلمانية (2)

  مصر اليوم -

الفكر الإسلامى والعلمانية 2

مصر اليوم

الأساس الرابع هو أن الإسلام جعل من «التفكير فريضة»، إذ إن أول كلمة فى كتابه المؤسس «القرآن الكريم» هى «اقرأ»، وهناك عشرات الآيات فى القرآن الكريم التى تدعو إلى التفكر والتدبر فى خلق الله كافة ونفس الإنسان وأغوارها خصوصاً. وبالتالى فإن الإسلام فى هذه الناحية لا يتعارض مع مطالبة العلمانية بإعمال العقل، وطلب العلم، لكنه يرفض المغالاة فى الاعتماد عليه بحيث لا يصبح سلطان إلا سلطانه، أو يصير إلهاً يُعبد من دون الله، أو يتوهم أن بوسعه أن يستغنى عن رسالة السماء، بدعوى أنه قادر لوحده أن يميز الحسن من القبيح، والخبيث من الطيب. ففى حقيقة الأمر فإن هذا التمييز يبقى مسألة نسبية، تخضع لاعتبارات معقدة تخص كل فرد على حدة، ومن ثم فإن ما يراه عمرو صواباً قد يراه زيد خطأ. أما رسالة السماء فإنها تضع إطاراً جامعاً مانعاً وقاطعاً للحكم على الأشياء والأفعال، وهو حكم يسرى على الجميع، ويقوم على قاعدة أن «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات». أما الأساس الخامس فهو إقرار الإسلام بأن الحكمة، القائمة على العقل والعلم والفهم وإدراك روح الإسلام ومقاصده وقيمه، جزء أصيل من أفكاره وتشريعاته، إذ يقول الرسول «الحكمة ضالة المؤمن فأنّى وجدها فهو أولى بها». وبعض ما تطرحه «العلمانية الجزئية» يقع تحت طائلة الحكمة، لأن فيه ما يساعد العقل على التفكير، وما يقى الدين من أن يتحول إلى أيديولوجية سياسية، أو إلى سلطة حاكمة مصابة بكل عيوب وثقوب السلطة فى كل زمان ومكان. والأساس السادس ينبثق من مقاصد الشريعة ذاتها، التى تجعل «حفظ النفس» مقدماً على «حفظ الدين» حسبما اتفق الفقهاء، أو هذا الذى ذهب إليه الإمام الطوفى حين قدم «المصلحة» على «النص» فى كثير من الأحيان. وحفظ النفس يعنى ببساطة الانتصار لحياة الإنسان وحرمة واحتياجات جسده. وحفظ النفس فى بلادنا حالياً يتطلب برنامجاً لمكافحة الفقر والمرض والجهل، وهذا هو جوهر الشرع الذى نريده الآن. عند هذا الحد نجد أن الإسلام يستوعب العلمانية الجزئية، أو الأطوار الدنيا من العلمانية، التى تنتمى إليها الأغلبية الكاسحة من العلمانيين العرب، بل لدى الإسلام ما يجعله غنياً عن كثير من أطروحاتها ومراميها، ويعارض فقط العلمانية الشاملة التى تسعى إلى إقصاء الدين خارج الحياة قاطبة، والعلمانية الإلحادية التى تتوهم موت الإله أو نسيانه للعالم. لكن من أسف فإن الكثيرين من الكتاب والفقهاء الإسلاميين الجدد يخلطون الحابل بالنابل، ويتعاملون مع العلمانية على اختلاف درجاتها وألوانها باعتبارها شيئاً واحداً إلحادياً وكريهاً، مع أن القوى السياسية التى تتخذ من الإسلام أيديولوجية لها تتعاطى العلمانية دون أن تدرى. فالسلفيون فى مصر سارعوا عقب ثورة يناير إلى إنشاء أحزاب سياسية، ويتحدثون عن الديمقراطية، ويتنافسون على مقاعد البرلمان، مع أن الفقه الذى يتمسكون به يتحدث عن الفرق وليس الأحزاب، والبيعة وليس الانتخاب، وأهل الحل والعقد وليس البرلمان، والشورى وليس الديمقراطية. وكل هذا ابن المشروع السياسى الغربى العلمانى. وليس معنى هذا أن الإسلام بعمومه ليس بوسعه أن يتطور فى الواقع، بل على النقيض من هذا تماماً، فالنص القرآنى ببعده عن التفاصيل وتركيزه على المبادئ العامة، أطلق صلاحيته لكل زمان ومكان، لكن العيب فى هؤلاء الذين يتمسكون بأقوال السابقين من البشر ويعطونها قداسة، ولا يريدون أن يبرحوها أبداً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفكر الإسلامى والعلمانية 2 الفكر الإسلامى والعلمانية 2



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon