توقيت القاهرة المحلي 06:19:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان (1 - 3)

  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان 1  3

عمار علي حسن

لا أعتقد أن جماعة الإخوان تمتلك خيالا عميقا رائقا، وهى تجرى مدفوعة كعربة طائشة نحو نهاية فكرتها، وتحولها إلى سلطة غاشمة متجبرة غبية. لكن ما الذى يجعل الإخوان يفتقدون الخيال والقدرة على إنتاج الأفكار العميقة المتماسكة؟ فى الحقيقة، الجماعة فقيرة جدا فى ملكة التخيل، ولذا لم تقدم للحياة على مدار تاريخها مفكرا بارعا أو أديبا مبهرا، بل إنها دوما كانت طاردة لأمثال هؤلاء، فهم إن التحقوا بها فى شبابهم الغض معتقدين أنها لن تقف أمام طاقتهم الإبداعية وقدراتهم الفردية سرعان ما يهجرونها حين يجدون أنها جدار أصم يقف أمام خيالهم وإبداعهم ورغبتهم فى أن يفكروا خارج القوالب الجاهزة والصناديق المغلقة التى كتب على جبهتها العلوية: «السمع والطاعة». ولا يمكن لمن عليه أن يسمع ويطيع، ولا يُعِمل عقله بدعوى أن قادة الجماعة يعرفون أكثر أو أنهم أعلى إخلاصا للمصلحة العليا أو أن الله يلهمهم صواب الرأى وسلامة الاتجاه، أن يأتى بأفكار مغايرة. وبمرور الزمن، يتم الاتكال على الغير، فتتراخى القدرة على التفكير، بل تضمر الملكات العقلية المبدعة لقلة استعمالها، أو لعدم التعويل عليها وشحذها باستمرار، وفق قانون «التحدى والاستجابة». وقد عبر الأستاذ أحمد بان، وهو مسئول شعبة فى الإخوان، عن هذا بشكل واضح فى سياق استقالته التى قدمها إلى الجماعة إثر خيانتها للثورة والثوار قائلا: «إن انخراطى فى الجماعة كل هذه السنوات سطر فى عقلى بعض الثوابت المزعومة التى لا سند لها من عقل أو شرع ولكنه التنظيم الذى يشرع والناس تسمع وتطيع وبقدر التفانى فى الالتزام بالأوامر فى المنشط والمكره بقدر الترقى فى هذا التنظيم.. حركة الإخوان كان لها مهام أساسية ثلاث: الدعوة والتربية والسياسة وكل وظيفة من هذه الوظائف استغرقت جهد جيش من ألوف المخلصين قدموا الجهد والوقت والمال فى خطط أشغال طويلة استهلكت أعمارهم دون أى إنجاز حقيقى.. إن تجربتى مع تلك الجماعة والتى دفعتنى فى بعض فصولها إلى رهن عقلى لدى التنظيم ومغالطة نفسى فى معان أساسية لا أبقى معها إنسانا عاقلا حرا». وقد ناقشت هذا الأمر مع الدكتور محمد حبيب نائب المرشد، الذى استقال من الجماعة، فأكد لى أن كثيرا من الإخوان يكتفون بقراءة النشرة «المجمعة» التى تأتيهم من مكتب الإرشاد كل أسبوع، وفيها ملخص للأخبار والأحداث وتعليق عليها. وقال لى «كتبت سلسلة أسميتها رسالة إلى الإخوان، زادت على الخمسين رسالة، وكنت أسلمها لمسئول عن توزيعها فى الجماعة، وذات يوم سألته: هل شباب الإخوان يقرأون هذه الرسائل؟ فضحك وقال: لا. وأمام دهشتى واصل كلامه: حتى رسائل المرشد لا تقرأ، وعندها أدركت حجم المأساة التى نعيشها، فأفراد الجماعة سلموا رؤوسهم للنشرة المختصرة البائسة، ولا يعرفون شيئا من خارجها». كان هذا بالقطع قبل تمدد ثورة الاتصالات، حيث الإنترنت والفضائيات، والتى أدمجت شباب الإخوان، كغيرهم، فى حركة الاطلاع المتدفقة على كل جديد. وربما عزوف أفراد الإخوان عن قراءة ما يكتبه حبيب أو المرشد وقتها مهدى عاكف كان بتعليمات من الرجلين التنظيمين القويين محمود عزت وخيرت الشاطر اللذين كانا حريصين على أن يمسكا بكل الرؤوس، لكن ما شرحه حبيب يبقى ذا دلالة قوية على أن الأغلبية الكاسحة من الإخوان لا يجذبها الشغف إلى المعرفة الإنسانية، وليست لديها استعداد ظاهر لتنويع مصادرها. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقر الخيال عند الإخوان 1  3 فقر الخيال عند الإخوان 1  3



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon