توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف ننمى الخيال السياسى؟ ( 1 - 2)

  مصر اليوم -

كيف ننمى الخيال السياسى  1  2

عمار علي حسن

مثل أى شىء وأى طاقة يمكن أن نعزز الخيال السياسى إن امتلكناه أصلاً. فابتداءً فإن «أسباب سلوكنا الذى يشمل نشاطاتنا العقلية مثل الإدراك يمكن أن نجدها بصورة نهائية فيما ورثناه من عوامل وفى تاريخنا البيئى، وفيما نقابله فى حياتنا من مصادفات تحدث فى البيئة المحيطة بنا». وإذا كان ما ورثناه قد حدث بالفعل، ولم يكن لنا يد فيه، فإن ما نكسبه يمكننا أن نغير فيه أو نعدل، وفق ما يمنحنا أقصى فائدة ممكنة، فتتحول «عوائد» البيئة أو المجتمع إلى إضافة تثرى ذهن الإنسان، وتوقظ مشاعره، وتلهب حسه، فينطلق خياله، ليوظفه فى مختلف مجالات الحياة، ومنها بالقطع السياسة وشئونها. والسؤال حول سبل تنمية الخيال السياسى يتطلب قبله الإجابة عن سؤال آخر هو: كيف نعزز التفكير الإبداعى؟ وهو تساؤل، كان ولا يزال، يؤرق العلماء فى مختلف المجالات، واحد منهم مايكل ميكالكو، الذى خصص كتاباً كاملاً ليطرح فيه الإجابة متنقلاً بين حقول معرفية شتى وتجارب لعلماء وأدباء وفنانين، ليصل فى النهاية إلى خريطة متكاملة أو استراتيجية للتفكير الإبداعى، يقسمها إلى جزأين، الأول هو «رؤية ما لا يراه الآخرون» من خلال معرفة كيف نرى؟ وإعطاء التفكير شكلاً مرئياً. والثانى هو «التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون» عبر التفكير بسلاسة وطلاقة، وصنع توليفات مبتكرة، ووصل ما ليس متصلاً، والنظر إلى الجانب الآخر، والنظر داخل العوامل الأخرى، والعثور على ما لا نبحث عنه، وإيقاظ روح التعاون. ويمكن تدريب الباحث على امتلاك قدرة تقنية معقولة على جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها واستخلاص النتائج، ويمكن كذلك استنهاض أو استثارة القدرة الكامنة لديه على التخيل والاستشراف. ومن واقع تجربته يحدد عالم الاجتماع ريتشارد ميلز عدة خطوات لهذا، صاغها هو بإسهاب وربما ببعض الغموض، لكن يمكن تجليتها وإعادة صياغتها بشكل أكثر سلاسة ودقة على النحو التالى: 1- إعادة ترتيب الملفات التى لا رابط بينها بأدق مستوى من الدقة والواقعية، بحيث تمتزج الأفكار التى كنا نظن للوهلة الأولى أن بينها افتراقاً أو خصاماً تاماً. 2- تجنب الوقوع فى فخ تعريفات المفاهيم والاصطلاحات التى تؤدى إلى ميوعة الفهم، ومن ثم تمييع الخيال، وهذا يتطلب استعمال القواميس والمعاجم والموسوعات والكتب المساعدة بحنكة ودقة فى البحث عن عمق المعانى، بحيث نصل إلى تحديد صارم وجلى للمشكلة التى نريد حلها أو الفكرة التى نسعى إلى تجليتها، ونصيغ هذا فى أقل كلمات دالة ومباشرة وذات طابع إجرائى. 3- يجب أن نعلم أن كثيراً من المفاهيم العامة التى نتوصل إليها قد تكون قد صيغت من قبل فى أنماط أو قوالب معينة، وبالتالى يكون وضع تصنيف جديد لها هو بداية تحقيق تطور مغاير ومثمر. ومن هنا فبدلاً من مطابقة ما توصلنا إليه مع ما استنتجناه أو وضعه غيرنا من قبل، يمكننا أن نبحث عن القواسم المشتركة بين ما لدينا وما تركه الآخرون، ونحدد ما تميزنا نحن به، وننقد ما طرحوه، دون الوقوع فى وهم يقينيّة الأشكال التوضيحية والرسوم البيانية والمعادلات الرياضية، لأنها فى الحقيقة ليست الوسيلة الوحيدة لتبيان العمل أو شرح الفكرة أو طرح الموضوع. 4- من الضرورى التفكير فى الأمور والأشياء والمعانى والأفكار والمواقف المضادة لتلك التى نتخذها أو نتبناها، فبضدّها تتميز الأشياء وتنجلى. فإذا كنا بصدد دراسة البؤس والتقتير علينا أن ننظر إلى الإسراف والتبذير، وإذا كنا ندرس اليأس والقنوط فعلينا أن ندرس الأمل والرجاء. فبهذا نصبح أكثر تحكماً فى المادة التى تحت أيدينا، وتوفر لنا رحلة الذهاب والعودة بين الأمر ونقيضه استنارة من دون شك. لكن هذا التقابل لا يترك للتخمين أو النظرة العابرة والعشوائية إنما يجب أن يتم وفق أدوات منهجية محددة، وقد يكون من المفيد أن نستخدم الإحصاء، أو ننظر أحياناً فى حالات مقارنة من خارج البيئة التى ندرسها. نقلا عن الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ننمى الخيال السياسى  1  2 كيف ننمى الخيال السياسى  1  2



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon