عمار علي حسن
المحور الثانى: العالمان العربى والإسلامى
لا شك أن أحداث السنوات الماضية قد أوجدت خلطاً بين ممارسة «الحرب على الإرهاب» وبين أطروحة «الحرب على الإسلام»، ذلك أن الغالبية العظمى من العمليات الإرهابية إنما تتم من أفراد ينتمون نهاية إلى الإسلام ويسعون على حد قولهم إلى إنشاء دولة إسلامية خالصة دون أن يحاولوا عملياً البحث داخل الأصول الإسلامية ذاتها عن مفهوم الدولة الإسلامية وتكوينها والقوانين التى تحكمها.
ومارس هؤلاء إرهاباً فكرياً قبل أن يكون إرهابياً عملياتياً رغم أن الغلوّ الدينى والنزعات الدينية المتطرفة والإحيائية أيضاً موجودة فى كل الأديان.
ومن هنا تقع مسئولية جماعية ضخمة على العالمين العربى والإسلامى لمواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف الدينى لدى فئة هى قليلة من عامة المسلمين المنتشرين فى أنحاء العالم.
ويمكن فى هذا السياق اختبار ما يلى:
- إن تشتت المرجعيات الدينية الإسلامية والخلافات المذهبية والفقهية المتعددة قد أتاح الفرصة أمام نشر الفكر الدينى المتطرف لاستباحة الفتوى من الجميع.
- إن التفكيكية التى يتسم بها التراث الإسلامى وإغلاق باب الاجتهاد أوجد تربة مناسبة للمتطرفين وأتباعهم.
- إن ضعف إسهام العالم الإسلامى فى السياسات الدولية رغم ما يتاح له من إمكانيات، وعدم تكوين جبهة إسلامية مشتركة للتصدى للإرهاب قد ساهم فى تغذية الفكر المتطرف لدى بعض المسلمين وكثير من غير المسلمين.
ومن المحاور التى يمكن أن تسهم فى الحد من الغلو والتطرف الدينى على المستوى الإسلامى ما يلى:
1- إصلاح المؤسسات الإسلامية الكبرى هيكلياً وفكرياً. ومنها منظمة المؤتمر الإسلامى (57 دولة إسلامية) بمؤسساتها المختلفة، ومنها أيضاً الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامى والحوزات الشيعية وغيرها، على أن تقوم هذه التنظيمات بدور فى إذكاء ثقافة التسامح ونبذ العنف والقبول بالآخر وتضطلع بدورها المنوط بها فى الحوار مع الأديان الأخرى وتقدم أطروحات جديدة للإسلام الوسطى الذى يقبل بالحداثة والعولمة.
2- وضع استراتيجية ذات معالم واضحة ومنهجية لإيجاد مرجعية واحدة متفق عليها فى العالم الإسلامى لتنظيم ظاهرة الفتاوى التى تنطلق من مؤسسات دينية متعددة فى العالم الإسلامى، والتقريب بين المذاهب الإسلامية السنية وبعضها البعض، ونبذ الخلاف السنى الشيعى فى الأمور الفقهية ووضعه جانباً ويبدل باتفاق حول الأمور السياسية والاقتصادية والقومية بحيث تنتشر مقتضيات العمل بالدين وإيجاد دور للأمة الإسلامية فى الشأن العالمى.
3- فتح باب الاجتهاد الذى توقفت ممارسته منذ 500 عام، وهو اجتهاد لا اختيار فيه بين الإسلام والحداثة، والإسلام والديمقراطية، إنما اجتهاد يقوم على حرية الفكر التى تقضى على ثقافة الخطاب التكفيرى والتقوقع الثقافى والحضارى، ويلغى الإيمان بفكرة المؤامرة والاستهداف التى تسود أوساط الشعوب الإسلامية.
4- تنقية التراث الإسلامى، فالتراث الإسلامى يتضمن روايات غير مكتملة جمعها الرواة وكثير من المستشرقين الذين ينظرون للتاريخ الإسلامى من زاوية واحدة قادت إلى ميثولوجيا فكرية أفسدت الموضوعية عند النظر إلى الوقائع التاريخية.
والعالم الإسلامى فى حاجة لبلورة نظرية جديدة تلملم الروايات المفككة وتؤطر لفهم جديد للتراث الإسلامى.
5- مشاركة إسلامية فاعلة فى حفظ الأمن الدولى والتصدى لظاهرة الإرهاب. ويمكن هنا تشكيل قوة إسلامية مشتركة ونقل 10% من نفقات الدفاع فى كل دولة إسلامية إلى صندوق إسلامى مشترك تخصص لهذا الغرض فقط.
نقلاً عن "الوطن"