توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

توحد التيار المدنى (2-2)

  مصر اليوم -

توحد التيار المدنى 22

مصر اليوم

.. ويصاب التيار المدنى بغياب فضيلة «إنكار الذات» لدى قادته، فكل منهم يرى نفسه الأحق بحيازة الصدارة، ولا يقبل، أو يتذمر، من العمل تحت آخر. وقد كان لهذا العيب دوره فى تفكيك وإضعاف «الحركة المصرية من أجل التغيير» (كفاية) وكذلك «الجمعية الوطنية من أجل التغيير»، جنبا إلى جنب مع الأهواء الشخصية والمصالح الذاتية الضيقة التى غلبها البعض على الصالح العام. وقد استغلت السلطة، ممثلة فى المجلس العسكرى، واستغل المنافسون السياسيون، ممثلون فى التيار الإسلامى، هذه الآفة فى استقطاب رموز وحركات مدنية وتوظيفها فى وجه قوى مدنية رديفة. وللتغلب على هذه المشكلات يحتاج التيار المدنى إلى تقارب أو حدوث اندماج بين وحداته وتنظيماته، سواء بتوحيد القوى والتجمعات الثورية أو بدخول الأحزاب الصغيرة تحت لواء الأحزاب الأكبر المنسجمة معها فى البرامج، ذائبة فيها تماما. كما يحتاج رموز التيار المدنى إلى امتلاك فضيلة «إنكار الذات»، والانخراط أكثر بين الناس ومشاطرتهم الأفراح والأتراح. ويبدو المستقبل فى صالح التيار المدنى، شريطة أن يعى هو ذلك ويعمل من أجله بأسلوب علمى يتسم بالجرأة ويمتلك المغامرة ويراهن على تعزيز الثقافة المدنية بين الناس، ويدرك بشكل جلى مدى «نزيف المصداقية» الذى بدأ يعانى منه التيار الإسلامى بشكل جارح. ولا يعنى هذا أن المستقبل هو للتيار الغارق أو الصارخ فى العلمانية الشاملة والكلية، أو ذلك الذى ينادى بإبعاد الدين عن الحياة. فمثل هذا التيار غير موجود إلا فى أفراد قلائل من بين المدنيين، والأغلبية الكاسحة تؤمن بدور الدين فى الحياة لكنها تريد إبعاده عن السلطة، وخلافها مع التيار الإسلامى ليس خلافا فى «التنزيل» إنما خلاف فى «التأويل». فالمدنيون يمتلكون بمرور الوقت قدرة على التعبئة والحشد، ويستفيدون من اهتزاز صورة التيار السياسى المتخذ من الإسلام أيديولوجية له، وآكل مصداقيته لدى الشارع، ويحوزون أدوات للتغلغل فى أروقة المجتمع. فضلا عن ذلك لم يعدم المدنيون القدرة على التأثير فى «التيار الإسلامى» ذاته. فكثير ممن ينتمون إلى جماعة الإخوان أخذوا فى الخروج عنها منجذبين إلى التيار المدنى فى أغلب أفكاره، بعضهم كوّن أحزابا، مثل «النهضة» و«الريادة» و«التيار المصرى»، وبعضهم يتحلق حول رموز، مثل الشباب المحيطين بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، عضو مكتب الإرشاد سابقا، والآن هناك من ينسلخ فى صمت عن جماعة الإخوان، منجذبا إلى مقولة التيار المدنى بضرورة فصل الدين عن السلطة وصراعاتها. والأهم من هذا أن التيار الإسلامى، بما فيه السلفيون، يمارسون السياسة وخاضوا الانتخابات على خلفية «المشروع المدنى» حتى ولو أنكروا هذا أو تنصلوا منه. فبعد تحريم العمل الحزبى وتفسيق الديمقراطيين ونبذ البرلمان ها هم يكوّنون الأحزاب السياسية، وليست «الفرق»، ويتحدثون عن «الديمقراطية»، وليست «الشورى»، ويسعون إلى الدخول للبرلمان، وليس تكوين «أهل الحل والعقد»، وذلك عبر «الانتخابات»، وليست «البيعة». وفى هذا توسل بالمشروع المدنى، فكرا وآليات، من أجل التمكين. ورغم حديثهم عن الاضطرار فى إقدامهم على هذه الخطوة فإن الواقع سيغيرهم شاءوا أم أبوا، ولا مجال للقفز على المكتسبات التى حازها المصريون عبر قرون من الكفاح، وليس بوسع أحد أن يفرض الآن مشروعا سياسيا قديما على دولة حديثة. لكن تقدم المدنيين مشروط أكثر بترسيخ الآليات التى تضمن تداول السلطة، وتقوم على نزاهة الانتخابات وحريتها وشفافيتها واستقلالية الجهة التى تشرف عليها. وعلى هذا الأساس يجب أن يتوحدوا قبل جولات الانتخابات المنتظرة ويستفيدوا من إخفاقاتهم السابقة، ليحافظوا بقدر الاستطاعة على «مدنية الحكم». 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توحد التيار المدنى 22 توحد التيار المدنى 22



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon