توقيت القاهرة المحلي 08:43:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غاندى وجيفارا.. نموذجان ثوريان (3 - 6)

  مصر اليوم -

غاندى وجيفارا نموذجان ثوريان 3  6

مصر اليوم

  على العكس من طريقة غاندى السلمية كان تشى جيفارا مؤمناً بأن الخلاص يأتى عبر الكفاح المسلح، فانحاز إلى أسلوب «حرب العصابات»، وهى طريقة فى القتال تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر، حين كان الإسبان يهاجمون خطوط التموين والإمداد الطويلة للجيش الفرنسى فى حرب شبه جزيرة إيبريا (1808 - 1814)، الذى كان يرد بقسوة على السكان المدنيين. ومعنى الكلمة باللغة الإسبانية «الحرب الصغيرة» وهو ينطبق على الحرب المحدودة وغير النظامية التى تستعمل مجموعات مقاتلة فيها ما يتوافر لها من إمكانيات اجتماعية وجغرافية ضد قوة عسكرية تتفوق عليها بشكل واضح. وظل هذا المسلك الإسبانى هو النموذج الأصلى لحرب العصابات Guerrilla warfare الذى لاقى نجاحاً فى إنهاك العدو، لا سيما فى الريف حيث الأرض الصعبة والأهالى المتلاحمون. وأضفى كثيرون طابعاً حالماً، وإن كان هذا لا يعنى أنها أخفقت فى تحقيق مكاسب عملية. ونشطت هذه الطريقة فى القتال خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كانت روسيا والبلقان مرتعاً لها. بل إن الشيوعية نجحت فى آسيا على أكتاف الفلاحين المتمردين، الذى تمكنوا من إنهاك السلطة عبر الكر والفر، بعد أن جندهم الزعماء اليساريون الذين وجدوا من الصعوبة بمكان إسقاط النظم الحاكمة من خلال المواجهة المباشرة فى داخل المدن، رغم أن رجال حرب العصابات قاموا بأعمال عنيفة بثت الرعب فى نفوس الجميع، لكنها لم تلق تأييداً من الناس، بل نفوراً وصداً واشمئزازاً، على العكس من الريف الذى أيدها أهله وانخرطوا فيها بيسر. ومثل هذا الأسلوب جاء بماو تسى تونج إلى السلطة فى الصين، ومكن الفيتناميين من هزيمة الأمريكان، رغم الفارق التقنى الهائل بين الجانبين، واتبع فيدل كاسترو ورفاقه هذه الطريقة ضد السلطة الباطشة حتى دان لهم حكم كوبا، وأدت إلى اضطرابات فى كثير من الدول الفقيرة بأمريكا اللاتينية. وقد اتبع حزب الله هذا الأسلوب فى الحرب التى وقعت بينه وبين إسرائيل فى صيف عام 2006، حيث كان مقاتلوه يراقبون عدوهم جيداً عبر الأنفاق والمخابئ، فيما لا يتسنى له رؤيتهم أو تحديد أماكنهم، ومارس الحزب أسلوب حرب العصابات بنجاح باهر، واستخدم أرض المعركة بشكل جيد، فحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلى فى أكثر من موقع، وأوقع فى صفوفها خسائر جسيمة. ويعد كتاب تشى جيفارا عن حرب العصابات هو أهم ما كتب فى هذا الشأن، حيث وضع فيه خلاصة تجربته المريرة والمثيرة. وعوّل جيفارا على حرب العصابات فى إمكانية كسب الحروب ضد الجيوش النظامية؛ لأنها تستمد قوتها من قوة الشعب العظيم، ولذا يجب ألا نقلل من شأن رجال العصابات لمجرد كونهم تنقصهم الأسلحة. ويراها جيفارا «الوسيلة الوحيدة للجهة التى تدعمها أغلبية الجماهير التى تعانى من نقص فى العتاد الذى يؤهلها لمقاومة التسلط. وأنها حالة لا تمنح الوصول إلى الفوز الكامل، وهى واحدة من الحالات الابتدائية للحرب، والتى ستنمو باستمرار حتى يكتسب جيش العصابات بنموه المضطرد خصائص الجيش النظامى، عند ذلك يكون جاهزاً ليوجه ضربات قاصمة للعدو ويحقق الغلبة». ويوجد نوعان من حرب العصابات؛ الأول هو الكفاح المتمم لمهمة جيوش نظامية كبيرة، كما كانت الحال بالنسبة للمقاتلين الأوكرانيين فى الاتحاد السوفيتى. والثانى هو العصابات التى تحارب السلطة سواء كانت استعمارية أم وطنية مستبدة، بعد أن تتخذ لنفسها مكاناً للانطلاق، مثل ما حدث بالصين حين انطلق ماو تسى تونج من الجنوب، وفى فيتنام حين رسخ هو شى منه أقدام جماعته بين مزارعى الأرز، الذين كانوا قد ضاقوا ذرعاً بالاستعمار الفرنسى. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غاندى وجيفارا نموذجان ثوريان 3  6 غاندى وجيفارا نموذجان ثوريان 3  6



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon