توقيت القاهرة المحلي 12:34:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكفير التفكير (1 - 2)

  مصر اليوم -

تكفير التفكير 1  2

عمار علي حسن

قبل ثلاثة أيام وقف «شيخ سلفى» أمام محمد مرسى فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع ليكفر الأغلبية الكاسحة من المصريين أو يراهم منافقين، وليس فى نظره أحد يستحق أن يكون مؤمناً سوى من يناصر جماعة الإخوان. وقبل أسبوعين خرج علينا من يتهم المفكر والفيلسوف الكبير د. حسن حنفى بالكفر، ويطالب بمصادرة كتبه. وتزامن هذا مع اتهامات متوالية لمصريين كثيرين بازدراء الأديان، منهم الكتاب المشاهير، ومن بينهم أناس مغمورون يريد أتباع التيار الدينى المتطرف أن يطبقوا فيهم الحسبة، أو يغيروا بهم ما يعتقدون أنه «المنكر»، متكئين على ما أعطاه لهم «دستور الإخوان» الذى سلق سريعاً فى ليلة مظلمة. وبالطبع فإن كل هذا ليس جديداً أبداً، فقد عايناه وكابدناه على مدار سنين بل قرون، زعم فيها «الحفظة المتعالمون» بأنهم حماة الدين وأن السماء قد وكلتهم فى الدفاع عنها، فراحوا ينهون عن أفعال يأتونها، ويعدون على الناس أنفاسهم، وعلى الكتاب كلماتهم، وعلى الوعاظ المختلفين منهم كل ما تنطق به ألسنتهم. وبالقطع فقد لا يجدى كثيراً هنا النزول إلى قعر الماضى البعيد بحثاً عما حدث لابن رشد وابن حزم والسهروردى المقتول، فالمؤسسات الدينية الحديثة استبدلت بهم أسماء أُخر، لكن أصحابها يشتغلون بالفكر أيضاً. فقبل سبعة وسبعين عاماً، وتحديداً فى عام 1926، وجد الشيخ على عبدالرازق نفسه فى ورطة حقيقية، بسبب كتابه الصغير المؤثر «الإسلام وأصول الحكم»، فقد كفره البعض ورفد من وظيفته، وصودر الكتاب، وأجبر صاحبه على الصمت المطبق وتغيير وجهته العقلية حتى وافته المنية. وفى العام الذى يليه مر طه حسين بالموقف نفسه، جراء كتابه «فى الشعر الجاهلى»، وأجبرته الضغوط النفسية التى تعرض لها على أن يعدل فى أجزاء من كتابه، ويمارس نوعاً من الرقابة الذاتية، التى كانت تعنى بالنسبة له تعطيل منهج الشك الديكارتى، وذلك رغم أن القضاء برأه من تهمة الكفر، التى وصمه بها أعداء كتابه. وهوجم كتاب «ابن رشد وفلسفته» لفرح أنطون بضراوة، لأنه اعتبر أن ما أتى به هذا الفيلسوف الإسلامى العظيم من أفكار يصلح لأن يكون أساساً للعلمانية، وأدى الهجوم إلى إغلاق مجلة «الجامعة» التى كان يصدرها «أنطون». وتوالت سلسلة تكفير التفكير ومصادرته فى رواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ، وكتاب «مقدمة فى فقه اللغة العربية» للويس عوض، وكتاب «الحسين ثائراً وشهيداً» لعبد الرحمن الشرقاوى، و«سوسيولوجيا الفكر الإسلامى» للدكتور محمود إسماعيل. وبلغ الأمر إلى حد المطالبة داخل أروقة مجلس الشعب عام 1978 بإحراق كتاب «ألف ليلة وليلة» وكتاب «الفتوحات المكية» للصوفى الكبير محيى الدين بن عربى. وجاء عقد التسعينات من القرن المنصرم ليشهد موجة عارمة من مطاردة الفكر المختلف ومحاصرة أصحابه وتجريمهم، ووصل الأمر إلى حد التصفية الجسدية فى حالة الدكتور فرج فودة، الذى اغتاله إسلاميون متطرفون. وبدرجة أقل إلى حد إصدار حكم الارتداد على الدكتور نصر حامد أبوزيد، والتفريق بينه وبين زوجته، وإجباره على الخروج من مصر، إيثاراً للسلامة، وحفاظاً على حياته. وقوبلت كتب المستشار محمد سعيد العشماوى بهجوم شرس، وصل إلى حد تكفيره من قِبل بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة. ووجد الروائى محمد عبدالسلام العمرى نفسه متهماً بالتعدى على الإسلام، جراء قصة يصور فيها تنفيذ حد الزنا فى إحدى مدن المملكة العربية السعودية. ودخل الروائى علاء حامد إلى السجن على خلفية روايته «مسافة فى عقل رجل». (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة " الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكفير التفكير 1  2 تكفير التفكير 1  2



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon