عمار علي حسن
الشخصية القومية: تبرز الشخصية القومية من بين العوامل الإنسانية الثلاثة ذات الطبيعة الكيفية، والتى تؤثر على السلطان القومى، نتيجة إفراطها فى الارتباط بوجهة نظر العقلانية وتأثيرها الدائم والحاسم على ما تستطيع الدولة أن تفرضه من ثقل فى موازين السياسة الدولية، فهناك بعض خصائص الإدراك التى تحدث بصورة أكثر تكراراً، وتكون لها قيمة أكبر لدى بعض الدول وتميزها عن الأخريات، كما تظهر درجة عالية من المرونة والاستعداد لتقبل البدائل. ولا تعجز الشخصية القومية مطلقاً عن التأثير على قوة الدولة، فالرجال الذين يمثلون الأمة فى أوقات السلم والحرب على حد سواء، يصنعون لها سياساتها وينقذونها ويدعمونها، وهم الذين ينتخبون ويصوغون الرأى العام ويجسدونه، وينتجون ويستهلكون، وهم فى الواقع الذين يحملون إلى حد ما أثر تلك المزايا الفكرية والخلقية التى تؤلف الشخصية القومية.
٦- الطاقة المعنوية القومية: وهى لا تقل أهمية فى أثرها عن أثر العوامل الأخرى للقوة القومية، وإن اتسم هذا العامل بالمزيد من الميوعة والافتقار إلى الثبات والتأثر بنوعية نظام الحكم وطبيعة المجتمع. فالطاقة المعنوية القومية هى درجة التصميم الذى تدعم به الأمة سياسة حكومتها الخارجية، فى أوقات السلم والحرب على حد سواء، ولذا فهى تشترك فى صياغة كل ما تقوم به الأمة من أعمال وأوجه نشاط، سواء فى الإنتاج الصناعى أو الزراعى أم فى الجهاز العسكرى والخدمة الدبلوماسية، وهى تؤمن فى مجالات الرأى العام عاملاً غير مرئى، لا تستطيع بدونه أى حكومة، سواء كانت ديمقراطية أم غير ديمقراطية، مستبدة أم أوتوقراطية، أن تتابع سياساتها بكثير من الفاعلية، بل قد لا تستطيع متابعتها أصلاً، وهى تعرض وجودها أو عدمه، كما تعرض خصائصها فى أوقات الأزمة القومية، عندما يتعرض وجود الدولة كلها للخطر أو عندما تكون البلاد فى حاجة إلى اتخاذ قرار خطير الأهمية يتوقف عليه وجود الأمة وبقاؤها.
٧- نوعية الدبلوماسية: لا ريب فى أن نوعية الدبلوماسية رغم افتقارها إلى الثبات، فهى أهم عامل من العوامل التى تخلق القوة لأى أمة من الأمم. أما العوامل الأخرى التى تقرر قوة الدولة فليست فى واقعها إلا المادة الخام التى تصاغ منها قوة أى دولة، وتوحد الدبلوماسية تلك العوامل فى كل واحد متكامل، وتؤمن لها توجيهها وأهميتها وتبعث فيها طاقتها الكامنة، عن طريق إضفاء القوة عليها. ويمثل توجيه الدبلوماسيين فى أى أمة لشئونها الخارجية مصدرا لقوتها القومية فى وقت السلم، ما تمثله التعبئة العسكرية من جانب القادة العسكريين فى وقت الحرب، والدبلوماسية فى النهاية هى دفاع عن القوة القومية للدولة وفرض هيبتها بين دول العالم.
٨- نوعية الحكم: فليس فى وسع سياسة خارجية، مهما توافر للقائمين على إعدادها وتنفيذها الخبرة ومهما بلغت غزارة الموارد المادية والبشرية لديها، أن تصل إلى أى نتيجة ملموسة إذا لم تكن هناك حكومة صالحة تتولى تسييرها.
9- القيادة: فكلما كانت القيادة متفهمة للبيئة المحيطة بها وعبقرية فى اتخاذ القرارات ولديها ملكات إدارية فائقة وخيال سياسى خلاق، أسهم ذلك فى تعزيز قوة الدولة بشكل إيجابى والعكس صحيح.
نقلا عن جريدة "الوطن"