توقيت القاهرة المحلي 06:54:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التمكين بديلاً للتوريث (3-6)

  مصر اليوم -

التمكين بديلاً للتوريث 36

عمار علي حسن

ذهب التوريث وصاحبه، لكن بقى أصحاب التمكين ليواصلوا محاولاتهم، إلى حين. وأول محاولة، بل أكبرها وأفدحها، هى ما جرى بالنسبة للدستور الذى انفردوا بوضعه، ومعهم بعض أتباعهم من السلفيين، الذين استخدموهم مرحلياً تحت لافتة «الانتصار للشريعة». فما تم عرضه على المصريين من «مشروع دستور» كى يقولوا له «لا» أو «نعم» ليس دستورا بالمعنى المتعارف عليه فى تاريخ الأمم، بل هو ترجمة قانونية ركيكة لخطة التمكين التى حلمت بها جماعة الإخوان عقوداً طويلة ثم وضعت فى تسعينات القرن المنصرم تصورا إجرائيا لها، وظلت سنوات تحلم بتحققها عبر التدرج البطىء والحذر إلى أن جاء شباب مصر وأزاحوا نظام مبارك ففتحوا الباب واسعا أمام الجماعة المترقبة فى انتهازية مفضوحة لتنفذ خطتها بعد أن هدهدت العسكريين قليلا، ثم ها هى تُحيدهم بمنحهم صلاحيات ومزايا أكبر فى «مشروع الدستور» بعد أن أقام الإخوان الدنيا ولم يقعدوها ضد «وثيقة السلمى»؛ لأنها ستجعل الجيش دولة داخل الدولة، وعرفنا بعد الاستفتاء على الدستور أن اعتراضهم لم يكن مبدئيا إنما لأنهم أرادوا أن يمرروا هذا الأمر للعسكريين فى محاولة للتقرب منهم والتودد إليهم إلى حين، وفق سياستهم المعهودة المتراوحة بين «التمسكن» و«التمكن». إن الدستور هذا الذى أصروا على أن يستأثروا به، أو يخطفوه بليل، يبدو فى ظاهره «وثيقة» لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية فى بلدنا، لكن من يمعن النظر فى بعض مواده، أو فى بنيته الكلية، والدساتير تقرأ كوحدة واحدة، يدرك أنه دستور وُضع لترتيب السلطة لصالح جماعة الإخوان إلى أن تتمكن تماما من تنفيذ مخططها القديم بالسيطرة التامة على الدولة المصرية، كى تصبح فى نهاية المطاف مجرد «وحدة دولية» فى مشروع لإمبراطورية متخيلة أو مستعارة من القرون الفائتة تمتد من غانا فى غرب أفريقيا إلى وادى فرغانة فى آسيا الوسطى، بل تتعدى هذا إلى «أستاذية العالم» كما سبقت الإشارة. فالدستور هندس الانتخابات التشريعية المقبلة على مقاس الإخوان من خلال تغيير قواعد اللعبة فى التوزع بين النظامين الفردى والقائمة مع تعديل عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا وإعطاء الرئيس حق تعيينهم. ورتب لمجلس الشورى (المحصن) الذى لم ينتخبه سوى أقل من 7% من المصريين حق التشريع إلى أن يأتى مجلس النواب، ثم يشاركه هذا الحق مستقبلا، وأعطى الرئيس حق حل البرلمان فإن أتى على غير هوى جماعته لن يفعل سوى اتخاذ قرار بعد منتصف الليل ثم يظهر بعد عصر اليوم التالى ليخطب فى الناس عن الظروف القاهرة والأسباب الحتمية التى دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. وناهيك عن أن الدستور يفتح نافذة أمام الإخوان لتغيير «لون العلم» و«النشيد» و«شعارات الدولة» فإنه يفتح بابا وسيعا للقضاء على الكثير من مكتسبات الدولة الحديثة التى بدأت مع محمد على، عبر إقحام الدولة بل والمجتمع فى رعاية «الفضيلة والأخلاق» وبعد أن كانت هذه المسألة منوطة بمؤسسات يحددها القانون، مثل المساجد والكنائس والمدارس والجمعيات الدعوية الأهلية، بات من الممكن لأى مجموعة أو تنظيم أو حتى فرد أن يمارس «الحسبة» على الآخرين، مطمئنا إلى أن الدستور يحميه. وتدريجيا سيقوم الإخوان أنفسهم، وليس غيرهم، بهذا الأمر. (ونكمل غداً إن شاء الله). نقلاً عن جريدة " الوطن " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التمكين بديلاً للتوريث 36 التمكين بديلاً للتوريث 36



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon