توقيت القاهرة المحلي 09:44:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التمكين بديلاً للتوريث (3-6)

  مصر اليوم -

التمكين بديلاً للتوريث 36

عمار علي حسن

ذهب التوريث وصاحبه، لكن بقى أصحاب التمكين ليواصلوا محاولاتهم، إلى حين. وأول محاولة، بل أكبرها وأفدحها، هى ما جرى بالنسبة للدستور الذى انفردوا بوضعه، ومعهم بعض أتباعهم من السلفيين، الذين استخدموهم مرحلياً تحت لافتة «الانتصار للشريعة». فما تم عرضه على المصريين من «مشروع دستور» كى يقولوا له «لا» أو «نعم» ليس دستورا بالمعنى المتعارف عليه فى تاريخ الأمم، بل هو ترجمة قانونية ركيكة لخطة التمكين التى حلمت بها جماعة الإخوان عقوداً طويلة ثم وضعت فى تسعينات القرن المنصرم تصورا إجرائيا لها، وظلت سنوات تحلم بتحققها عبر التدرج البطىء والحذر إلى أن جاء شباب مصر وأزاحوا نظام مبارك ففتحوا الباب واسعا أمام الجماعة المترقبة فى انتهازية مفضوحة لتنفذ خطتها بعد أن هدهدت العسكريين قليلا، ثم ها هى تُحيدهم بمنحهم صلاحيات ومزايا أكبر فى «مشروع الدستور» بعد أن أقام الإخوان الدنيا ولم يقعدوها ضد «وثيقة السلمى»؛ لأنها ستجعل الجيش دولة داخل الدولة، وعرفنا بعد الاستفتاء على الدستور أن اعتراضهم لم يكن مبدئيا إنما لأنهم أرادوا أن يمرروا هذا الأمر للعسكريين فى محاولة للتقرب منهم والتودد إليهم إلى حين، وفق سياستهم المعهودة المتراوحة بين «التمسكن» و«التمكن». إن الدستور هذا الذى أصروا على أن يستأثروا به، أو يخطفوه بليل، يبدو فى ظاهره «وثيقة» لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية فى بلدنا، لكن من يمعن النظر فى بعض مواده، أو فى بنيته الكلية، والدساتير تقرأ كوحدة واحدة، يدرك أنه دستور وُضع لترتيب السلطة لصالح جماعة الإخوان إلى أن تتمكن تماما من تنفيذ مخططها القديم بالسيطرة التامة على الدولة المصرية، كى تصبح فى نهاية المطاف مجرد «وحدة دولية» فى مشروع لإمبراطورية متخيلة أو مستعارة من القرون الفائتة تمتد من غانا فى غرب أفريقيا إلى وادى فرغانة فى آسيا الوسطى، بل تتعدى هذا إلى «أستاذية العالم» كما سبقت الإشارة. فالدستور هندس الانتخابات التشريعية المقبلة على مقاس الإخوان من خلال تغيير قواعد اللعبة فى التوزع بين النظامين الفردى والقائمة مع تعديل عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا وإعطاء الرئيس حق تعيينهم. ورتب لمجلس الشورى (المحصن) الذى لم ينتخبه سوى أقل من 7% من المصريين حق التشريع إلى أن يأتى مجلس النواب، ثم يشاركه هذا الحق مستقبلا، وأعطى الرئيس حق حل البرلمان فإن أتى على غير هوى جماعته لن يفعل سوى اتخاذ قرار بعد منتصف الليل ثم يظهر بعد عصر اليوم التالى ليخطب فى الناس عن الظروف القاهرة والأسباب الحتمية التى دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. وناهيك عن أن الدستور يفتح نافذة أمام الإخوان لتغيير «لون العلم» و«النشيد» و«شعارات الدولة» فإنه يفتح بابا وسيعا للقضاء على الكثير من مكتسبات الدولة الحديثة التى بدأت مع محمد على، عبر إقحام الدولة بل والمجتمع فى رعاية «الفضيلة والأخلاق» وبعد أن كانت هذه المسألة منوطة بمؤسسات يحددها القانون، مثل المساجد والكنائس والمدارس والجمعيات الدعوية الأهلية، بات من الممكن لأى مجموعة أو تنظيم أو حتى فرد أن يمارس «الحسبة» على الآخرين، مطمئنا إلى أن الدستور يحميه. وتدريجيا سيقوم الإخوان أنفسهم، وليس غيرهم، بهذا الأمر. (ونكمل غداً إن شاء الله). نقلاً عن جريدة " الوطن " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التمكين بديلاً للتوريث 36 التمكين بديلاً للتوريث 36



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon