توقيت القاهرة المحلي 10:14:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان (3 - 3)

  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان 3  3

عمار علي حسن

فى المقال السابق شرحت السبب الأول لفقر الخيال عند الإخوان، وهو كراهية التنظير واحتقار العلوم الإنسانية وسطوة التنظيم، وأكمل هنا: 2- لا تعددية: فرغم تفاعل الإخوان، سلبياً أو إيجابياً، مع الأفكار والتصورات الأخرى المتداولة فى السوق الثقافية فهم يتوهمون أن فكرتهم هى الأفضل والأرقى والأصوب، وأن من الأجدى أن تُهضم فيها كل الأفكار، أو تستسلم لها، ليصير لدينا «طريق فكرى واحد». وينسحب هذا فى التعامل مع كل العلوم التى يجب أن تنضوى تحت مسار واحد باسم «إسلامية المعرفة»، التى هى فى النهاية محاولة إخضاع الآراء والإبداعات الإنسانية لرؤية فريق واحد، هى من رأسه هو ومن تأويله للنص الإسلامى أو تعاطيه معه، ثم يزعم أنها الإسلام الذى يجب أن تصطبغ به كل العلوم، رغم أن هذا يتناقض جملة وتفصيلاً مع ما يأمر به القرآن الكريم من تفكر فى خلق السموات والأرض، وإطلاق العنان للعقل كى يفهم ويرتب ما ينتج عن هذا التفكير فى اتجاهات لا حصر لها، حتى إذا آمن الإنسان يكون إيمانه عن اقتناع وإجلال. وهذه «الواحدية» الفكرية أو الثقافية لا تحفز على إعمال الخيال، إذ يكفى فقط أن يقوم من يتبنى هذا الاتجاه إما برفض أى فكرة تتناقض مع ما يعتقد فى رسوخه أو وثوقيته، أو يخضع كل الأفكار المختلفة معه لقياس على ما فى رأسه ظناً منه أنه القاعدة الصلبة أو الحقيقة الناصعة، أو يعيد صياغة كل ما يرد إليه كى يتهندس وفق هواه وتصوراته، حتى لو فقد هذا الوارد سماته وخصائصه الذاتية. وبالتالى يتحول هذا «الفكر الواحد» بمرور الزمن إلى «صندوق مغلق» تنحبس داخله الرؤوس ولا تستطيع أن تخترقه لتفكر فى كل ما يقع خارجه. 3- الانتصار الحتمى: يتوهم الإخوان أن انتصارهم حتمى لأن طريقهم ربانى ومعركتهم مقدسة، اتكاء على اعتقادهم بأنهم يمثلون ويصورون ويجسدون الإسلام فى معناه ومبناه. وبالتالى يشعر أعضاء الجماعة وأتباعها بالاستغناء عن أى فكر أو رؤية وتصور ومنهج خارج ما تتبناه، وإن طالعوا المختلف معهم، فإنهم يفعلون ذلك بعين الناقض وليس الناقد أو الراغب فى الاستفادة، المقبل على العلم بعقل متفتح، من «يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال». فالإخوانى المطيع لا يجد حاجة ماسة أو ملحة لمطالعة من يختلف مع فكر الجماعة، ولا يتملكه ولعٌ بالمعرفة أو شغفٌ بها خارج الكتب والكتيبات والنشرات التى تبقيه مربوطاً فى السلسلة الحديدية للتنظيم. وكل من خالف هذا هجره الإخوان أو خرج عنهم غير آسف عليهم. وليس معنى هذا أن العقل الإخوانى فاقد تماماً القدرة على التخيل، لكن تخيله يظل محدوداً ليس فقط بكراهية التنظير والولاء للتنظيم ورفض التعددية والإيمان بحتمية الانتصار، إنما أيضاً بالوساوس القهرية والشك العميق فى الآخرين والشعور الدائم بالاضطهاد والعيش فى كنف المؤامرة والخوف من التغيير، كما أن الخيال الإخوانى ذو نزعة تبريرية، إذ يعمل عقل الإخوانى جيداً فى تبرير سلوك الجماعة، ويمكنه أن يصنع الأكاذيب، وهى نوع من التخيل، بغية الدفاع عن الفكرة والموقف والاتجاه. نقلاً عن جريدة " الوطن".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقر الخيال عند الإخوان 3  3 فقر الخيال عند الإخوان 3  3



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon