توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان (3 - 3)

  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان 3  3

عمار علي حسن

فى المقال السابق شرحت السبب الأول لفقر الخيال عند الإخوان، وهو كراهية التنظير واحتقار العلوم الإنسانية وسطوة التنظيم، وأكمل هنا: 2- لا تعددية: فرغم تفاعل الإخوان، سلبياً أو إيجابياً، مع الأفكار والتصورات الأخرى المتداولة فى السوق الثقافية فهم يتوهمون أن فكرتهم هى الأفضل والأرقى والأصوب، وأن من الأجدى أن تُهضم فيها كل الأفكار، أو تستسلم لها، ليصير لدينا «طريق فكرى واحد». وينسحب هذا فى التعامل مع كل العلوم التى يجب أن تنضوى تحت مسار واحد باسم «إسلامية المعرفة»، التى هى فى النهاية محاولة إخضاع الآراء والإبداعات الإنسانية لرؤية فريق واحد، هى من رأسه هو ومن تأويله للنص الإسلامى أو تعاطيه معه، ثم يزعم أنها الإسلام الذى يجب أن تصطبغ به كل العلوم، رغم أن هذا يتناقض جملة وتفصيلاً مع ما يأمر به القرآن الكريم من تفكر فى خلق السموات والأرض، وإطلاق العنان للعقل كى يفهم ويرتب ما ينتج عن هذا التفكير فى اتجاهات لا حصر لها، حتى إذا آمن الإنسان يكون إيمانه عن اقتناع وإجلال. وهذه «الواحدية» الفكرية أو الثقافية لا تحفز على إعمال الخيال، إذ يكفى فقط أن يقوم من يتبنى هذا الاتجاه إما برفض أى فكرة تتناقض مع ما يعتقد فى رسوخه أو وثوقيته، أو يخضع كل الأفكار المختلفة معه لقياس على ما فى رأسه ظناً منه أنه القاعدة الصلبة أو الحقيقة الناصعة، أو يعيد صياغة كل ما يرد إليه كى يتهندس وفق هواه وتصوراته، حتى لو فقد هذا الوارد سماته وخصائصه الذاتية. وبالتالى يتحول هذا «الفكر الواحد» بمرور الزمن إلى «صندوق مغلق» تنحبس داخله الرؤوس ولا تستطيع أن تخترقه لتفكر فى كل ما يقع خارجه. 3- الانتصار الحتمى: يتوهم الإخوان أن انتصارهم حتمى لأن طريقهم ربانى ومعركتهم مقدسة، اتكاء على اعتقادهم بأنهم يمثلون ويصورون ويجسدون الإسلام فى معناه ومبناه. وبالتالى يشعر أعضاء الجماعة وأتباعها بالاستغناء عن أى فكر أو رؤية وتصور ومنهج خارج ما تتبناه، وإن طالعوا المختلف معهم، فإنهم يفعلون ذلك بعين الناقض وليس الناقد أو الراغب فى الاستفادة، المقبل على العلم بعقل متفتح، من «يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال». فالإخوانى المطيع لا يجد حاجة ماسة أو ملحة لمطالعة من يختلف مع فكر الجماعة، ولا يتملكه ولعٌ بالمعرفة أو شغفٌ بها خارج الكتب والكتيبات والنشرات التى تبقيه مربوطاً فى السلسلة الحديدية للتنظيم. وكل من خالف هذا هجره الإخوان أو خرج عنهم غير آسف عليهم. وليس معنى هذا أن العقل الإخوانى فاقد تماماً القدرة على التخيل، لكن تخيله يظل محدوداً ليس فقط بكراهية التنظير والولاء للتنظيم ورفض التعددية والإيمان بحتمية الانتصار، إنما أيضاً بالوساوس القهرية والشك العميق فى الآخرين والشعور الدائم بالاضطهاد والعيش فى كنف المؤامرة والخوف من التغيير، كما أن الخيال الإخوانى ذو نزعة تبريرية، إذ يعمل عقل الإخوانى جيداً فى تبرير سلوك الجماعة، ويمكنه أن يصنع الأكاذيب، وهى نوع من التخيل، بغية الدفاع عن الفكرة والموقف والاتجاه. نقلاً عن جريدة " الوطن".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقر الخيال عند الإخوان 3  3 فقر الخيال عند الإخوان 3  3



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon