توقيت القاهرة المحلي 06:41:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان (2 - 3)

  مصر اليوم -

فقر الخيال عند الإخوان 2  3

عمار علي حسن

لا يعود الفقر فى التخيل والتفكير لدى الإخوان إلى قصور عقلى بالقطع، إنما تقف خلفه جملة من الأسباب العلمية والفكرية والنفسية والتنظيمية، التى تراكمت بمرور الأيام، يمكن ذكرها على النحو الآتى: (1) لا تنظير: فالجماعة تكره المنظرين والفلاسفة ومنتجى الأفكار المجردة، وترى أنهم يشكلون خطراً داهماً على «التنظيم»، الذى يجب أن يكون على وحدة فى القول والفعل. ولهذا تكره الجماعة «العلوم الإنسانية»، أو لا تحتفى بها بالقدر الذى تمثله فى حياة الناس، ويشعر الإخوان أن ما لديهم من مقررات دينية وتربوية كافٍ لفهم كل شىء وكل إنسان، وبالتالى لا حاجة لهم لأى علم أو منهج خارج المقرر. وقد يفسر هذا أمران؛ الأول: هو أن أغلب النخبة الإخوانية من دارسى العلوم التطبيقية أو العملية من أطباء ومهندسين وتقنيين، وهؤلاء تجذبهم الجماعة إلى حقل السياسة فيتناسون بمرور الزمن تخصصهم الرئيسى أو لا يطلعون على الجديد فيه، ولذا لا نجد من بين الإخوان حالياً طبيباً كبيراً ولا مهندساً بارعاً، على العكس مما كان عليه الحال فى ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين. وقد حكى لى الأستاذ جمال البنا كيف كان من بين الإخوان عشرة من كبار الأطباء أيام مؤسس الجماعة حسن البنا، بينما تراجع مستواهم فى السنوات الأخيرة حتى نسى بعضهم الطب أو الهندسة لانشغاله بهموم التنظيم، وهى كثيرة ابتداء من الشعبة والمنطقة وصولاً إلى مكتب الإرشاد. وأمثال هؤلاء يدركون أن مستقبلهم داخل الإخوان ليس بقدر ما يحصلون عليه من علوم تطبيقية أو بمستوى تقدمهم مهنياً، إنما بقدر إخلاصهم للتنظيم وقادته. وبعض أطباء الإخوان يستمرون فى أعمالهم، ليس فقط لكسب العيش وتدبير احتياجات أسرهم، إنما أيضاً لاستغلال هذه المهنة فى بناء شعبية على المستوى المحلى لأطباء إخوان، ترفعهم فيما بعد ليصبحوا أعضاء فى البرلمان. وبالتالى فإن فقر الإبداع عند الإخوان لم يقف عند حد إنتاج الأفكار النظرية، بل أيضاً فى تقديم اختراعات واكتشافات فى ركاب العلوم البحتة، فالكل منشغل بالتنظيم. وحتى لو وجد من بين الإخوان من يمتلك قدرة على إنتاج الأفكار، سرعان ما يتم إشغاله بشئون التنظيم، فتتراخى هذه القدرات لديه بمرور الزمن. ويطلق سامح عيد، الإخوانى السابق، فى كتابه «الإخوان المسلمون: الحاضر والمستقبل»، على هذه المسألة: «ذوبان القيادة الثقافية داخل العمل التنفيذى والإدارى»، ويقول: «كثيراً ما تختار النخب المثقفة لقيادة العمل التنظيمى، فيضعف العمل التثقيفى». أما الثانى فهو خروج المنظرين سريعاً من صفوف الجماعة، وقد كنت شاهداً على تجربة بعض كبار الباحثين فى العلوم السياسية من ذوى الميول الإخوانية، وكيف ذهبوا إلى الجماعة عارضين عليها أفكارهم، وراغبين فى تطوير أفكارها، فما كان من التنظيميين إلا أن لفظوهم، ولم يلتفتوا إلى إنتاجهم، وحذروا الأتباع منهم. ونعود هنا إلى ما ذكره أحمد بان فى استقالته، حيث يقدم برهاناً على ما سبق، فها هو يقول: «إهدار قيمة الحوار داخل الجماعة والضيق بالنقد والمعارضة، بما يعكس عدم الإيمان بقيمة الديمقراطية أو حتى الشورى التى يحتفظون بتعريف خاص لها لا يعرفه غيرهم». ولأن المنظرين يميلون إلى الحوار والنقد والاعتداد بما أنتجته قرائحهم، فإن التنظيميين يضيقون بهم، ويبذلون كل ما فى استطاعتهم من جهد لعزلهم تدريجياً حتى يرحلوا، أو يفروا بعقولهم. وربما يعطى سامح فايز، الذى التحق بالإخوان منذ نعومة أظافره ثم خرج عليهم فى شبابه، مثلاً ناصعاً على هذا، حين يبين فى كتابه «جنة الإخوان: رحلة الخروج من الجماعة»، أن البرنامج التثقيفى للإخوان يرمى إلى صناعة إنسان لا رأى له، فها هو يقول: «كان من الصعب على الطفل الصغير إدراك أن تلك الأوراد والأذكار والصلوات والكتيبات التى امتلأت بها جدران مكتبته الصغيرة، ليست فى الأصل كى يصير شيخاً تقياً، إنما هى وضعت ليكون إخوانياً مطيعاً». (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقر الخيال عند الإخوان 2  3 فقر الخيال عند الإخوان 2  3



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon