توقيت القاهرة المحلي 04:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاتفاق النووي الإيراني... الفوضى التي خلفها أوباما

  مصر اليوم -

الاتفاق النووي الإيراني الفوضى التي خلفها أوباما

بقلم : أمير طاهري

«ترمب ينتهك معاهدة دولية»! «ترمب يخل بالاتفاق الذي وقعته القوى العالمية»!

كان هذان عنوانين رئيسيين في التغطية الإعلامية التي تناولت موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من «الاتفاق النووي الإيراني» خلال الأسبوع الماضي، حتى إن بعض وسائل الإعلام الغربية رأت أن موقف ترمب قد يعقّد مهمة كبح جماح كوريا الشمالية؛ لأن بيونغ يانغ قد تخلُص إلى أن التوصل إلى أي اتفاق مع القوى العالمية - مثلما فعلت إيران - ربما يصبح عديم الجدوى.

إذن، ما الذي فعله ترمب بالضبط؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتناول سؤالاً آخر.
هل كان «الاتفاق» الذي توصل إليه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع إيران بمثابة معاهدة؟

الجواب هو: لا.

إنه - مثلما تقول طهران - «خريطة طريق» تعهدت في إطارها إيران باتخاذ بعض الخطوات مقابل اتخاذ «القوى الكبرى» خطوات أخرى من جانبها.

وحتى ذلك الحين، لا تحوي «خريطة الطريق» أو «قائمة أمنيات» - مثلما وصفها وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري - نصاً ذا طابع إلزامي؛ فهي تتوفر بخمس نسخ مختلفة: ثلاث باللغة الفارسية، واثنتان باللغة الإنجليزية، مع وجود اختلافات كثيرة بينها.

لم يوقع أحد على «قائمة الأمنيات» حتى الآن.

كما أنها لم تُحل - ناهيك عن الموافقة عليها - إلى السلطات التشريعية في أي من البلدان المعنية.

ولم تحدد النصوص المختلفة أي آلية للتحكيم لتقرير إذا ما كان جرى تنفيذها. وتتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية - التي لم تشترك في صياغة الاتفاق – مهمة تقييم – وإن أمكن التصديق على - الامتثال الإيراني، لكن لا توجد آلية للتقييم والتصديق على إذا ما كان المشاركون الآخرون قد فعلوا ما يفترض عليهم القيام به.

من الناحية القانونية، إن ما سُمى «الاتفاق» ليس موجوداً، وبالتالي لا يمكن لأي شخص «الإخلال به».

بدأ الخلل في «الاتفاق» منذ نشأته.

من ناحيته، أخبرني وزير الخارجية البريطاني الأسبق والنصير القوي لإيران جاك سترو بأن الفكرة بدأت خلال اجتماع عُقد في مقر إقامته الرسمي في لندن، مع وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كوندوليزا رايس. في ذلك الوقت، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أثبتت أن إيران انتهكت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وطلبت من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراء بشأنها. وأصدر مجلس الأمن قرارات رفضتها إيران؛ لأن الملالي لم يريدوا أن يظهروا وكأنهم يكررون «خطأ» الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالسير نحو «فخ قرارات مجلس الأمن».
ابتكر سترو فكرة تكوين فريق مخصص للتوصل إلى اتفاق مع طهران، متخطياً الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي، ومن ثم إغواء الملالي بأنهم تلقوا معاملة خاصة لأن نظامهم كان مميزاً.

ويبدو أن رايس كانت متجاوبة مع الفكرة، وأخذت «خطوة جريئة» تمثلت في دعوة سكرتير المجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني علي أردشير - المعروف باسم لاريجاني - إلى واشنطن بالضبط في الوقت الذي كان سترو فيه على وشك ترك منصبه.

وأُصدِرت أكثر من 100 تأشيرة أميركية للاريجاني والوفد المرافق له، غير أن «المرشد الأعلى» الإيراني اعترض على الزيارة في آخر لحظة.

وعندما تولى باراك أوباما منصبه في البيت الأبيض، أحيا الفكرة، وبعد إجراء محادثات سرية مع طهران في عُمان، نظمتها وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، حوَّل أوباما الفكرة إلى عملية.

شعرت طهران بأن أوباما بمثابة صديق لها في واشنطن.

وشق أوباما طريقه بالفعل نحو استمالة وإغواء الملالي.

وأنشأ مجلس أمن موازياً، يتألف من الدول الخمس الكبرى التي تمتلك حق النقض في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا التي كانت ولا تزال الشريك التجاري الرئيسي لإيران.

لم تُمنح المجموعة - التي أُطلق عليها اسم 5+1 - أي صفة رسمية.

ولم تُعين المجموعة رسمياً أو قانونياً من قِبل أي شخص، ولا تمتلك بياناً خطياً بالمهمة، ولا تتضمن أي التزام قانوني لأعضائها، ولا تعد مسؤولة أمام أحد.

قبلت طهران الخدعة بموقفها المعتاد المتمثل في الغرور العابس.

تباهى خليفة لاريجاني، سعيد جليلي، بأن «الوضع الخاص» لإيران حظي باعتراف «القوى الكبرى»، ما يعني ضمناً أن أموراً مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أو حتى القانون الدولي برمته لا ينطبق على بلاده. وأثبت جليلي أنه مسبب للإزعاج.

لقد اعتبر أن مجموعة 5+1 بمثابة آلية لإيران لاقتراح - إن لم يكن فرض - مجرى الأحداث على الصعيد العالمي.

ولم يكن مستعداً للحديث عن الغش النووي الإيراني إلا إذا ناقشت مجموعة 5+1 أيضاً خطط بلاده لمجموعة من المسائل الدولية. في أحد الاجتماعات، عرض جليلي «اقتراحاته» للتعامل مع «المشاكل التي تؤثر على الإنسانية»، بدءاً من البيئة إلى «الانسحاب الكامل للشيطان الأميركي الأكبر» من المنطقة.

وفي مرحلة ما أثناء ذلك، تطفل الاتحاد الأوروبي - بتشجيع من بريطانيا وألمانيا - وأمَّن مكاناً له بجانب مجموعة 5+1.

تمثلت الفكرة في استخدام سياسة «الشخص المسؤول» المعتمدة في السياسة الخارجية الأوروبية كوسيلة لانتقاد الإيرانيين الذين يبدون غير راغبين في التفاوض. وبذلك توسعت مجموعة 5+1 إلى مجموعة مؤلفة من 31 دولة؛ أعني 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، والصين، وروسيا. (وفي مرحلة ما، يبدو أن البرازيل، وتركيا، وكازاخستان انضمت أيضاً إلى المجموعة، لكنها سرعان ما ابتعدت عن المشهد).

وبمجرد ابتعاد جليلي عن عملية التفاوض، نتيجة تكليف الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني وزير خارجيته محمد جواد ظريف بتلك المهمة، بدأت الأمور في التقدم بسرعة.

خلال سنواته الطويلة التي قضاها في الولايات المتحدة، بعضها كدبلوماسي في نيويورك، أقام ظريف اتصالات مع الحزب الديمقراطي، شملت جون كيري الذي خلف هيلاري كلينتون في منصب وزير الخارجية الأميركية. أقنع ظريف رؤساءه بعدم تفويت «الفرصة الذهبية» التي عرضتها إدارة الرئيس أوباما والتي ضمت الكثير من «المتعاطفين» مع إيران.
لذلك، في غضون عامين فقط، ما ثبت أنه مستحيل طيلة عشر سنوات أصبح ممكناً.

لقد وُضع نص مُبهم، يتحايل على المسائل المطروحة، ويعلن النصر لكلا الجانبين. واتفق المشاركون في اللعبة على إبقاء النص بعيداً عن متناول هيئاتهم التشريعية، حتى لا يجازفوا بإخضاع شراب السحر الذي أعدوه للتدقيق.

إن ما يُسمى «الاتفاق» أُطلق عليه اسم «خريطة طريق» غير ملزمة، ما يعني ضمناً أن «خريطة الطريق» ليست لنفس الرحلة.

وبعد عامين من كشف النقاب عنها، يبقى الوضع في «خريطة الطريق» كما هو عليه.

لم تفِ إيران ولا المجموعة المؤلفة من 31 دولة بوعودها؛ فلا يزال سبيل طهران لتطوير أسلحة نووية متاحاً، على الرغم من أن هذا لا يعني أنها تصنع قنبلة الآن. ومن جانبها، لم ترفع مجموعة الدول الـ31 العقوبات المفروضة على إيران.

لقد خدع كلا الجانبين بعضهما بعضاً وجماهيرهما.

وخلف أوباما وراءه حالة خداع دبلوماسي مثيرة للفوضى. والمثير للاهتمام أن ترمب لم يلق هذه الفوضى في مكب النفايات، بل وعد بإعادة ترتيبها وتحسينها.

هل هذا ممكن؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق النووي الإيراني الفوضى التي خلفها أوباما الاتفاق النووي الإيراني الفوضى التي خلفها أوباما



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon