توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران و«الشيطان الأعظم»... ملحمة عمرها أربعة عقود

  مصر اليوم -

إيران و«الشيطان الأعظم» ملحمة عمرها أربعة عقود

بقلم : أمير طاهري

تحتفل جمهورية إيران الإسلامية هذه الأيام، من خلال المسيرات والخطب النارية، بالذكرى الثامنة والثلاثين لاحتلال السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين كرهائن طيلة 444 يوماً. وفي الوقت الذي يسعي فيه الكونغرس الأميركي إلى تضييق الخناق على إيران، لا تزال القيادة في طهران حبيسة أوهامها القديمة التي يتمحور أغلبها حول الولايات المتحدة التي بثت الرعب، وكذلك سحرت لبَّ الملالي منذ استيلائهم على السلطة منذ 40 عاماً. فالملالي يخشون الولايات المتحدة، لأن نظرتهم للتاريخ يحكمها إيمانهم بنظرية المؤامرة. فهم يرون الولايات المتحدة كماكينة شيطانية مركزية تديرها زمرة ضئيلة من المتآمرين الذين عقدوا العزم على الهيمنة على العالم، ويرون المعارك السياسية داخل الولايات المتحدة كجزء من سيناريو محبوك هدفه إرباك العالم الخارجي. فبحسب أحد الملالي البارزين، فإن الرئيس دونالد ترمب «يلعب بهوس وفق نظرية هنري كسينغر، بهدف بث الرعب في نفوس المسلمين»، فيما يرى ملا بارز آخر أن المبارزة التي جرت بين هيلاري كلينتون وترمب «لم تكن سوى عرض مسرحي لإرباك العالم».

وفي بعض الأحيان، يجري تصوير الولايات المتحدة على أنها باتت «على حافة الهاوية» بسبب «انعدام الأخلاق واستشراء الفساد المتأصل فيها»، وفي أحيان أخرى يصفونها على أنها «الشيطان الأكبر» القوي الشرير كما تصفه الكتب المقدسة. وبالنسبة لبعض الملالي، ومنهم آية الله إمامي كشاني، فإن كراهية الولايات المتحدة جزء لا يتجزأ من الإيمان، وبالنسبة لآخرين مثل آية الله قراءاتي، فهو يرى أن الصلاة لا تصح إلا إذا اختتمت بعبارة «الموت لأميركا».

ويواظب الرئيس حسن روحاني الذي يعتبر أحد الملالي ذوي الرتب المتوسطة، هو وجميع أعضاء إدارته، كل يوم على الوطء بأقدامهم على العلم الأميركي قبل دخول مكاتبهم. ونادراً ما مرَّ يوم منذ وصول الملالي إلى السلطة من دون احتجاز الجمهورية الإسلامية لبعض الرهائن الأميركيين. ويعتبر اليوم الذي تعرضت فيه السفارة الأميركية في طهران للهجوم في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 «ثورة ثانية»، وتحتفل فيه الحكومة الإيرانية بتنظيم المسيرات وعقد المؤتمرات وإقامة المعارض، وتدشين الحملات الدعائية في جميع أنحاء البلاد.

ولا تزال الجهورية الإسلامية تحتفظ ببقايا جثامين ثلاثة أميركيين على الأقل تعود لمدير سابق لمحطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في بيروت كان قد اختطفه «حزب الله»، وقتل نتيجة للتعذيب في إيران، وعميل متقاعد لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كان يعمل لدى شركة أميركية خاصة في دبي، وضابط أميركي انتدب للعمل مع قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بجنوب لبنان.

ومن الملالي وأتباعهم التكنوقراطيين من رسموا الولايات المتحدة على أنها غوريلا ساذجة تزن 800 كيلوغرام يسهل خداعها واستقطابها.

في عام 2015 وفي ذروة محادثات الاتفاق النووي، روج محمد جواد ظريف، الموظف الذي درس في الولايات المتحدة ليلعب دور وزير الخارجية في بلاده، لبعض القصائد الفكاهية حول هذا المضمون. فمثلاً تقول إحدى القصائد: «لا تعتقدوا أنه ظريف بالفعل، فهو يستطيع بضربة واحدة أن يسقط ستة منهم (في إشارة إلى مجموعة 5 + 1)»، وقال البيت الثاني بنفس القصيدة: «ظريف يحارب وأميركا ترتجف».

ويزعم الخبير الاستراتيجي للحرس الثوري، الدكتور حسن عباسي، الملقب بـ«كسنغر الإسلام»، أن لإيران «عشرات الآلاف من العناصر النائمة» داخل الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، وجميعهم مستعدون «لتفجير وتفتيت الولايات المتحدة إلى قطع صغيرة في غضون لحظات».

أضاف الدكتور، أن «الأميركيين يدركون هذا ولذلك فهم يخشوننا». في الحقيقة، بدا الرئيس السابق باراك أوباما مصمماً على مسايرة الجمهورية الإسلامية بأي تكلفة كانت، فقد كان أوباما على قناعة بأن الولايات المتحدة قد أخطأت في حق إيران، وأن عليه أن يكفر عن ذلك الذنب، وهو ما اعتبره الملالي وتابعوهم مؤشراً على ضعف الولايات المتحدة.

بيد أن الصفوة الحاكمة الآن تبدو مفتونة بالولايات المتحدة. فقد جرى الإعلان في طهران في أغسطس (آب) الماضي عن قائمة تضم 700 طفل من أبناء كبار مسؤولي الجمهورية الإسلامية يدرسون حالياً في الجامعات الأميركية. وبحسب عضو المجلس الإسلامي كريمي قدوس، فإن نحو 1500 من مسؤولي الجمهورية الإسلامية يحملون إما جنسية مزدوجة (أميركية) أو إقامة دائمة في الولايات المتحدة، ناهيك عن الأعداد الضخمة من المسؤولين والأعضاء السابقين في «الحرس الثوري» المقيمين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بعضهم من العاملين في المراكز البحثية والجامعات.

ومنذ عامين، وصف الرئيس روحاني الاتفاق النووي الذي وقعه مع أوباما بأنه أعظم انتصار دبلوماسي في تاريخ الإسلام. لكن الآن، وفي عهد الرئيس الجديد، فإن «الشيطان الأعظم» يسلط الضوء على هشاشة هذا «الانتصار»، وذلك لأن عائدات النفط الإيرانية تراكمت عبر السنين، وجمدت في البنوك الغربية واليابانية والصينية والهندية، وفي غيرها من الدول التي تخشى العقوبات الأميركية حال تراخت عن تجميد تلك الأرصدة، وهذا هو السبب في تعطيل ما أطلق عليه «صفقة القرن» الشهيرة التي أبرمتها إيران مع شركة «توتال» الفرنسية العملاقة. كان ذلك أيضاً المصير المؤسف الذي آلت إليه اتفاقات مبدئية، كان من المفترض أن تقوم إيران بمقتضاها بشراء طائرات ركاب طراز «إيرباص» و«بوينغ». كذلك ضاعت وعود كانت إيران قد حصلت عليها من روسيا بالحصول على حدود ائتمانية بقيمة 5 مليارات دولار ذهبت إلى غياهب النسيان، بعدما تيقن الجميع من أن ترمب لن يغني من كتاب التراتيل الذي كتبه سلفه أوباما.
وعلق ظريف مؤخراً على هذا الوضع بقوله «حالياً لا نستطيع فتح حتى حساب مصرفي في لندن لسداد رواتب موظفي سفارتنا هناك».

ولكي نكون واثقين، ففي فترة حكمه الأخيرة، قام أوباما بطمأنة إيران إلى حدّ ما بشأن معالجة مشكلة تدفقاتها النقدية، لكن من الواضح الآن أنه بعد رحيل أوباما، فمن غير المرجح أن تنعم طهران بشيء من الراحة في القريب العاجل.

ماذا تفعل إيران إذا؟

على إيران البحث في جذور تلك العداوة غير المبررة، ومحاولة اقتلاعها بمراجعة سياساتها الخارجية وطريقة إدارة دبلوماسيتها. فمن اللافت أنه بعض مرور 38 عاماً الآن، لم يحدث أن أخبرنا الملالي عن السبب الذي جعلهم ينظرون إلى الولايات المتحدة بوصفها «عدواً» بدلاً من خصم أو، لنكون أكثر واقعية، قوة على خلاف مع إيران.

وهذا هو السبب في أن جميع الإيرانيين تقريباً يعانون في حياتهم اليومية، من دون تسجيل ولو نقطة واحدة في مرمى «الشيطان الأعظم».

وعلى مدار أربعة عقود تقريباً، فإن الوطء بالأقدام على العلم وحرق صور الرؤساء الأميركيين وترديد هتاف «الموت لأميركا» لم يحل أياً من مشاكل إيران، ولا «الشيطان الأعظم» غير من نهجه. فالمنطق يقول: إنه عندما تفشل سياسة ما فمن العقل تغييرها. لكن في إيران اليوم، فإن العقول المتحجرة لا تزال متمسكة بالهتاف وحرق الأعلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران و«الشيطان الأعظم» ملحمة عمرها أربعة عقود إيران و«الشيطان الأعظم» ملحمة عمرها أربعة عقود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon