صلاح منتصر
لا أستطيع لوم الأحزاب علي ضعفها ، فلا يمكن أن تنشأ أحزاب قوية في نظم لا تعترف في ضميرها بالتعددية.
وقد كان أول إجراء لثورة يوليو 52 إلغاء الاحزاب رغم أن الثورة رفعت شعار إقامة الديمقراطية، مع ذلك لم تسمح طوال عصر عبد الناصر بأي رؤي مختلفة علي أساس أن الشعب أعطي الحاكم تفويضا باتخاذ مايراه . (ترجمها الراحل صلاح جاهين في قوله : قول مابدالك احنا رجالك ، ودراعك اليمين ) . ورغم «انتخاب» أكثر من برلمان في عصر عبد الناصر إلا أنه لم يبرز برلماني واحد لفت الاهتمام.
وعندما أراد انور السادات بعد حرب أكتوبر استكمال ديكور الديمقراطية اتجه إلي تشكيل ثلاثة منابر بالأمر تحولت إلي أحزاب بلا حياة كالورد الصناعي. وقد حاول الراحل فؤاد سراج الدين بعث الحياة في «الوفد الجديد»لكن جهوده اختنقت، في الوقت الذي امتلأت فيه الساحة بنتاج الخوف والنفاق والمواءمة من اجل البقاء، وهو الأمر الذي استمر وزاد طوال حكم حسني مبارك.
وخلال أكثر من برلمان شهدتها الـ 40 سنة الأخيرة لم يحدث أن لفت الانظار سوي عضوين اثنين هما الراحلان د. محمود القاضي النائب المستقل والمستشار ممتاز نصار عضو الوفد، وكانت الحكومة إذا قدم أحدهما سؤالا أو استجوابا تجند كل أجهزتها لمواجهة الاختبار الصعب الذي ستدخله .
ولم يكن حسني مبارك جاهلا بل كان يعرف هو ومعاونوه حقيقة ضعف الأحزاب، ورغم ذلك عمل هو ومعاونوه علي استمرار ضعفهم كضمان لاستمرار نظامه، وحتي ـ كما كان يخوفنا دوما ـ إما الجيش أو الإخوان !
واليوم لا يبدو أن للرئيس السيسي حزبا يفرضه أو أعوانا يرتبون له، بل إنه يوجه الدعوة لمختلف الأحزاب لعل وعسي. فالفرصة واقعيا في الانتخابات القادمة مفتوحة أمام جميع الأحزاب التي أتمني أن تحسن اختيار مرشحيها ،علي أمل بروز عشر شخصيات جديدة . أما إذا تم إختيار المرشحين بطريقة فرض الواقع و»هذا هو الموجود «، سيزداد ضعف الأحزاب ونصبح محلك سر ..هذا إذا لم نتراجع !