بقلم صلاح منتصر
فى الاقتصاد من الصعب أن تجد اتفاقا على قرار بين خبراء الاقتصاد ـ أو الذين يقولون إنهم خبراء ـ ولذلك سيثور خلاف حول حزمة القرارات التى أصدرتها الحكومة أخيرا متضمنة تعويم الجنيه أمام الدولار ، وزيادة الفائدة على ودائع الجنيه المصرى، وحرية إيداع وسحب العملات الأجنبية فى البنوك إلى جانب زيادة أسعار منتجات البترول .
وقد علمتنى التجارب ألا أحكم للتو على مايصدر من قرارات أو قوانين، فمشكلة السوق المصري أنه لا تحكمه قاعدة احترام القوانين الصادرة بل التفتيش عن الثغرات التى يمكن اختراقها ولذلك تظهر آثار أى قرار بعد شهر أو شهرين من الممارسة والتطبيق .
وفى المرات السابقة كان البنك المركزى يقوم بتحديد نسبة تخفيض الجنيه فى مواجهة الدولار وبالتالى باقى العملات، أما فى هذه المرة فلأول مرة يصدر البنك المركزى سعرا استرشاديا للدولار تاركا للعرض والطلب تحديد سعره كل ساعة صعودا وهبوطا، وأن يتم ذلك لأول مرة بشفافية داخل البنوك بعد أن كان يتحدد سعر الدولار وفق قواعد غامضة أهمها الشائعات .
ونتيجة للنظام الجديد فمن الممكن أن يصبح سعر الدولار اليوم ـ فى البنوك ـ 14 جنيها وغدا 15 وبعد أسبوع 20 جنيها . والمهم ـ أمام السعر المرتفع ـ ألا يتشنج السوق والبنك المركزى بالذات، لأن حكم العرض والطلب سيدفع حتما إلى خروج الدولارات المختبئة للاستفادة من السعر العالى وبيعها فيعود السعر إلى الانخفاض والتوازن .
والواقع أن السوق لم يفاجأ بالقرارات التى صدرت ، فمنذ وقت غير قصير وتصريحات الرئيس السيسى ورئيس الوزراء تؤكد أننا على أبواب قرارات صعبة يتعين صدورها كعلاجات وليس مسكنات لأنه لم يعد ممكنا أن تظل مواردنا كدولة أقل من مصاريفها والفرق نسده بالقروض التى أصبحت فوائده تلتهم ثلث الميزانية وتتزايد شهرا بعد شهر .
لكن مايمكن أن نسميه مفاجأة أن الكثيرين انتظروا تأجيل هذه القرارات إلى ما بعد «جمعة الجوع 11/11» التى تهدد بها قوى الشر وتتصور أنها توجه حركة المواطنين ، فجاءت القرارات الجديدة فى هذا التوقيت لتؤكد ثقة الحكومة فى الشعب وقدرته على تحمل آلام معركة الإصلاح التى لا بديل عنها .