بقلم : صلاح منتصر
لم أعرف عبارة مسلم وقبطى إلا متأخرا ، فأنا من جيل حكى له الآباء عن ثورة 1919 التى خرج فيها جميع المصريين بمختلف فئاتهم فى مظاهرات غطت كل محافظات مصر بنداء واحد ضد الاحتلال الإنجليزى لمصر. وفى موسوعة تاريخ مصر القومى التى كتبها المؤرخ عبد الرحمن الرافعى يحكى عن دور الأزهر كمحفل عام للخطباء «فهو المكان العام الذى لم تستطع السلطة العسكرية الإنجليزية اقتحامه ومنع الاجتماعات العامة فيه لمكانته ومنزلته الدينية، فكان لذلك ميدانا تبارى فيه الخطباء من علماء الأزهر والقمص مرقس سرجيوس والقمص بولس غبريال، وإبراهيم عبد الهادى وزكى مبارك وحسن يس وغيرهم كثيرون» .
وفى دمياط التى تربيت فيها لم أسمع كلمة مسلم وقبطى فقد كان عدد الأقباط محدودا، وعندما انتقلت إلى القاهرة فى شارع الأمير فى شبرا صادقت زملاء سنى فى المدرسة والشارع دون تمييز ودخلت الكنيسة التى كانت فى آخر الشارع مع زملائى لأشاركهم أعيادهم .
ولا أعرف ما الذى جرى بعد ذلك وكيف تغيرت الأسس التى تربينا عليها ، فقد سمعنا عن فتاوى وتخريجات وصلت إلى عدم السلام على الأقباط وهم أهل كتاب، لكننى لم أستطع ــ وأنا أنتمى إلى بيت دين كان به خالى الشيخ حسن مأمون شيخا للأزهر ــ تقبل هذه الأفكار، فوجدت فى مجموعة أصدقائى المقربين عددا من الأقباط الذين أعتز كثيرا بصداقتهم. وكان من بين الذين أحببتهم كثيرا الراحل أمين فخرى عبد النور والد الوزير السابق منير عبدالنور وكان لنا كل يوم 7 يناير بغير دعوة غداء فاخر فى بيته فى الزمالك، فى الوقت الذى كان الدكتور ميلاد حنا وزوجته رحمهما الله يحددان يوما كل رمضان لتناول الإفطار فى فيلتهما بالمهندسين .
مع ذلك ظلت هناك سحابة قاتمة فى علاقات المصريين بعضهم ببعض، إلى أن تولى الرئيس السيسى . وبشجاعة صادقة ومخلصة استطاع أن يبدد هذه السحابة، وأن يستعيد علاقات المصريين بعضهم ببعض، ويسترد وحدتهم القديمة، تلك التى تجعل كل مصرى يفتح قلبه لزملائه المصريين ويقول لهم: عيد سعيد جميع الإخوة المصريين.
نقلاً عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع