بقلم صلاح منتصر
بصورة غير طبيعية بدأ الحديث عن تعويم الجنيه أمام الدولار وبالتالى أمام باقى العملات ، وكأن القرار سيصدر اليوم أو غدا على الأكثر، مما قد يخلق حالة ضغط نفسى على المسئول ويجد نفسه مدفوعا إلى إصدار القرار ، وتكون النتيجة كارثية اذا لم يصدر القرار فى الموعد المناسب عندما تكون الاستعدادات الضرورية له قد تم اعدادها . ذلك أن تعويم الجنيه ليس هدفا فى حد ذاته، وانما هو وسيلة يستخدمها البنك المركزى للسيطرة على أسعار العملة بحيث اذا لم يكن قادرا على تحقيق هذا الهدف فالأفضل بقاء الحال على ما هو عليه وعدم تمكين المتآمرين على الدولار والاقتصاد القومى من تحقيق هدفهم .
لا أدعى خبرة محترفى الاقتصاد ولكن لا أتصور قبول تعويم الجنيه والسياحة فى وضعها الذى عليه ، والصادرات تعانى من الدول التى تغلق أمامها أبوابها وتخفض مواردها ، والاحتياطى النقدى فى وضع «نصف حرج» يمكن أن تبتلعه آثار التعويم بسرعة وتصبح النتيجة أسوأ .
إن تعويم الجنيه يعنى ترك الدولار يحدده العرض والطلب ، وكرد فعل سريع سيرتفع سعر الدولار وينخفض سعر الجنيه بصورة تؤثر كثيرا على أسعار السلع والخدمات ، لا بسبب اعتمادات تفتح وواردات يتم استيرادها ، وانما بسبب العمليات المتربصة لنزح الدولار من الداخل الى الخارج بكميات كبيرة مما لابد وأن يضطر البنك المركزى إما لطرح مبالغ أكبر من الاحتياطى النقدى لمقابلة الطلب ، أو ترك السوق تدبر نفسها من السماسرة ويصبح هناك سعر قد يصل بالدولار الى عشرين جنيها ! .
والسؤال قبل أن »يتورط صاحب القرار ويعوم الجنيه« : أيهما أفضل ابقاء الحال على ما هو عليه الى أن تزيد موارد العملة بالطريق الطبيعى وتخفف من آثار التعويم ، أم الدخول فى مغامرة شرها أوضح من خيرها ؟ إننى أرجو صاحب القرار ألا يتأثر بالضغوط التى تمارس فى السوق اليوم من أجل التعويم فكثير من الحذر واجب وضرورى !