بقلم:صلاح منتصر
احتاج جمال عبد الناصر إلي أربع سنوات كاملة ( من يوليو 52 إلي يونيو 1956) حتي يتمكن من الانفراد بالسلطة وانتخابه رئيسا للجمهورية في استفتاء جري يوم 24 يونيو 1956 حصل فيه علي 99.88%
خلال هذه السنوات الأربع خاض عبد الناصر سلسلة معارك لم تتوقف من معركة الإقطاع (إصدار قانون الإصلاح الزراعي) إلي الأحزاب السياسية ( حل هذه الأحزاب باستثناء جماعة الإخوان ) ثم من التعايش مع الإخوان إلي الاشتباك معهم (أعطت محاولة اغتيال عبد الناصر في الإسكندرية في أكتوبر 1954 الفرصة للثورة لقطع كل القنوات المفتوحة مع الإخوان وحل الجماعة واعتقال عدد كبير من الأعضاء) ثم معركته مع محمد نجيب والذين انحازوا إليه من الجيش ومن الشعب (إعفاء محمد نجيب) ثم معركة التفاوض التي دخلها مع الإنجليز الذين كانوا يحتلون منطقة القناة (تم عقد معاهدة جلاء الإنجليز عن مصر وخروج آخر جندي بريطاني يوم 18 يونيو 1956) ثم كانت معركته ضد ضغوط أمريكا لدخول مصر حلف بغداد بحجة حماية المنطقة من وصول الخطر الشيوعي.
أكتب كشاهد تحمس في ذلك الوقت للثورة وقد كان عبد الناصر شديد الإخلاص في محاولة إصلاح مصر والتفرغ لمشكلاتها. وفور إنتخابه رئيسا ضمت الوزارة التي شكلها إلي جانب عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة العسكريين (بحسب ترتيب أسمائهم في التشكيل): عبد اللطيف بغدادي وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي وعبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين أسماء شابة مدنية تم انتقاؤها لتشارك في بناء مصر الحديثة: محمود فوزي في الخارجية ونور الدين طراف الصحة وعبد المنعم القيسوني المالية وعزيز صدقي الصناعة ومصطفي خليل المواصلات وسيد مرعي الإصلاح الزراعي وكمال رمزي إستينو التموين وكلها أسماء برزت ووصل أربعة منها لرئاسة الوزارة.
وكما لو أن مصر كلها شمرت عن ساقيها لتزيل ركام عصر مضي وبدء بناء جديد، وقد تقرر العمل لأول مرة في تاريخ مصر وفق خطة خمسية تضم مشروعات الفترة من 1957 إلي 1962، ولكن وقبل أن يمضي شهر واحد كنا نخوض معركة تأميم القناة في 26 يوليو 1956.