بقلم : صلاح منتصر
29ـ فى قصر الخزيم بجدة كان اللقاء الأول بعد ثورة اليمن بين جمال عبد الناصر والملك فيصل يوم الاثنين 23 أغسطس 1965، وقد بدأه عبد الناصر ثم تحدث الملك فيصل، وأنقل ماسجله الأستاذ سامى شرف فى مفكرته الشخصية .
قال الملك فيصل : إن مصر والسعودية يجب أن يكونا أكثر من متفاهمين ، فهذا هو الطبيعى لأن الواقع والتاريخ يقومان على ذلك . والأشياء التى عكرت الصفو لا أتكلم فيها لأنها شىء معروف . أنا مرتين جيت لمصر لمحاولة إصلاح الحال وتمكنت بمساعدتك من إزالة بعض الأشياء ولكن بترجع الأمور تتكرر . أيام الملك سعود لو كان ماضى طيب ماكانت ساءت العلاقات .
ونفى الملك فيصل لعبد الناصر أن الحكومة السعودية سلمت نقودا لأحد لكى يعمل ضد مصر فى عهده ....«إن جاءتكم تقارير أننا ندفع فلوس ضدكم نحن كذلك تأتينا تقارير أن الجمهورية العربية المتحدة لها مخططات وتريد إحداث شر فى المملكة . ثم لماذا ندفع ولمصلحة من ندفع ؟ إذا استطعنا أن نقوم بخدمة بلدنا فهذا أهم . مصاريف مثل هذه الأمور ليس لها أول أو آخر . أكثرها بيروح سرقة .نشتغل ضد مين ؟ ضد الإنجليز أوالأمريكان أو الروس معقول ولكن نشتغل ضد القاهرة ؟ أؤكد أنه لا يمكن أن يكون فى نفوسنا شىء أو عمل ضد الجمهورية العربية المتحدة بالذات لأن علاقتنا بها أكبر وأقوى من أى بلد آخر . لهذا فالوضع الطبيعى أن يكون هنا ومصر شيئا واحدا ، والمهم عندنا أن مثل هذه الأشياء التى تصلك لا تجد عندك قبولا . أبرك الساعات وأسعد الأوقات على نفوسنا هو حضورك».
انتهى اللقاء بتوقيع ما أطلق عليه «اتفاقية جدة أغسطس 1965» وتضمنت وقف التدخل ضد اليمن من السعودية ، وانسحاب القوات المصرية من اليمن ،وعقد مؤتمر يمنى يمثل القوى الوطنية لتحديد مستقبل اليمن . إلا أن الأطراف اليمنية جميعها وقفت ضد الاتفاقية فقد كان استمرار نزيف مصر فى الحرب كسبا لها . وظل الأمر معلقا إلى أن جرت محاولة أخرى جاءت خلالها نكسة 1967 !